المفاوضات الإيرانية الأميركية: هل تبصر نتائجها النور؟

المفاوضات الإيرانية الأميركية: هل تبصر نتائجها النور؟

ريحانة مرتضى – خاص أخبار إيران

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، شهدت العلاقات الإيرانية الأميركية مفاوضات غير مباشرة بوساطة عُمان، الدولة التي لتسعى تعزيز مكانتها كجسر دبلوماسي بين الشرق والغرب. حيث أقيمت المباحثات على جولات ثلاث وعلقت الرابعة لأسباب لوجستية. هذا وتكتسب هذه المحادثات أهمية كبيرة، خاصة في إطار تقدم المفاوضات النووية ورفع الحظر الجائر عن إيران، ويمكن عدها خطوة أساسية في العملية الدبلوماسية الإيرانية. يذكر أنه على هامش هذا الحدث أقيمت مشاورات سياسية ودبلوماسية مكثفة بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية والأطراف الإقليمية والعالمية.

تأتي هذه المفاوضات بعد سنوات من الجمود السياسي، خاصةً بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي عام 2018. وأكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دائمًا على أهمية الدبلوماسية متعددة الأطراف والتعاون مع الجهات الفاعلة الدولية الأخرى، وتأمل أن تتمكن من خلال ذلك من تحقيق النتائج المرجوة في رفع الحظر غير القانوني وإرساء الاستقرار في المنطقة وتؤكد على حقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، كما طالبت برفع جميع العقوبات كشرط أولي لأي اتفاق، كما تصر على حقها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% لأغراض سلمية، بينما تسعى واشنطن لضمان عدم تحوُّل البرنامج النووي الإيراني إلى عسكري.

وفي الحديث عن شكل المفاوضات ومحتواها بين إيران وأميركا، اختارت الجمهورية الإسلامية الإيرانية المباحثات غير المباشرة، وذلك حرصًا منها على حقها في إثبات قوتها كلاعب قوي ومؤثر، فتاريخ العلاقات بين البلدين مليء بانتهاك الولايات المتحدة للاتفاقيات، فلا ثقة تدعم خيار المفاوضات المباشرة، وعليه هي فرصة استغلتها الجمهورية الإسلامية لاختبار مدى صدق الولايات المتحدة.

ومع العنوان العريض للولايات المتحدة بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، فهي بالمقابل تظهر مرونة في التفاوض تحت ضغط العقوبات، وهذا ما انتقده مجلس العلاقات الخارجية الأميركي معتبرًا أن في نهج واشنطن “تنازلًا استباقيًا” لإيران.

أقيمت المفاوضات غير المباشرة بين الدولتين بوساطة سلطنة عمان، على جولات ثلاث، نظمت الجولة الأولى بمشاركة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وذلك عبر وساطة وزير الخارجية العُماني بدر لبوسعيدي بتاريخ 12 نيسان/نيسان 2025 في العاصمة العُمانية مسقط. استمرت المفاوضات ساعتين ونصفًا، من خلال تبادل الرسائل بين الطرفين عبر الوسيط العُماني. ناقش الطرفان فيها رفع العقوبات الأميركية والملف النووي الإيراني، وقد وصفت الجولة الأولى “بالإيجابية والبناءة” واتفق على عقد الجولة الثانية في روما.

أما الجولة الثانية التي عقدت بتاريخ 19 نيسان/نيسان 2025 في العاصمة الإيطالية روما، بحضور ثلاثي كما في الجولة الأولى، فقد تميزت بتعميق النقاش الفني، واستمرت المحادثات بنفس النهج غير المباشر، مع تبادل الرسائل عبر الوسيط العُماني، حيث تم التركيز على الجوانب الفنية لرفع العقوبات والملف النووي. هذا وشدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أن إيران ترفض التفاوض على أي قضايا خارج الملف النووي (مثل البرنامج الصاروخي أو الدعم الإقليمي). كما أشار إلى وجود “تقدّم” لكنه نوّه لوجود خلافات جوهرية، خاصة حول مستوى تخصيب اليورانيوم (60% حالياً). وعليه تم الاتفاق بين الجانبين على عقد جولة أخرى في مسقط بتاريخ 26 نيسان.

الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة أقيمت بتاريخ 26 نيسان/نيسان 2025 في العاصمة العُمانية مسقط، وحملت الطابع نفسه للجولتين السابقتين مع حضور خبراء فنيين، واتسمت بنقاشات مكثفة وخلافات مستمرة، حيث استمرت المباحثات نحو 9 ساعات، ووصفت بأنها “الأكثر جدية”. وتبادل الطرفان وثائق مكتوبة حول آلية رفع العقوبات وضوابط التخصيب النووي. يذكر أن وزير الخارجية الإيرانية عراقجي أشار إلى أن الخلافات لا تزال قائمة، خاصة حول حق إيران في تخصيب اليورانيوم، كما وصفه بـ”غير القابل للتفاوض”، مشيرًا إلى أن العقوبات الأميركية “إرهاب اقتصادي”. إلى ذلك اتفق الطرفان على عقد الجولة الرابعة في روما بتاريخ 3 أيار/أيار 2025.

الجولة الرابعة التي كان من المقرر أن تقام في 3 أيار/أيار 2025 في روما، أرجئت “لأسباب لوجستية” بناء على اقتراح عُماني، حيث أعلن البوسعيدي، في منشور على منصة “أكس”، عن “إعادة جدولة الاجتماع الأميركي – الإيراني، الذي كان مقرّرًا السبت، لأسباب لوجستية” وذلك إلى “موعد يتم الاتفاق عليه بين الطرفين”. إلى ذلك جدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، “التزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالاستفادة من الدبلوماسية كوسيلة لتحقيق المصالح المشروعة والقانونية للشعب الإيراني، وإنهاء العقوبات والضغوط الاقتصادية التي تستهدف الحقوق الإنسانية ورفاهية كل فرد من أفراد الشعب الإيراني”. وأوضح أنّ “الوفد الإيراني، ومنذ بدء مشاركته في المفاوضات، حدّد إطارًا واضحًا يستند إلى المبادئ الأساسية للجمهورية الإسلامية ووفقًا للقانون الدولي، بما يخصّ الاستخدام السلمي للطاقة النووية وإنهاء العقوبات غير القانونية، وقد أظهر جديته في إجراء مفاوضات قائمة على النتائج، بهدف التوصّل إلى تفاهم عادل، معقول، ومستدام، وسيواصل هذا النهج بثبات وقوة”.

وقد أرجع المراقبون لتطور ملف المفاوضات بين الجانبين الإيراني والأميركي توقف مسار الجولات التفاوضية لعدة أسباب منها الضغوط الداخلية الأميركية، والتي تنتقد التنازلات الاستباقية لواشنطن، كما يتحدث المتابعون عن وجود تصعيد إقليمي متمثل بانفجار ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس، والذي قد يؤثر على أجواء المفاوضات، حيث سعى رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو لاستغلال الحادث وتوجيه الرأي العام داخل الكيان إلى أن انفجار الميناء من فعله.

تزامنت هذه التطورات مع قيام الإدارة الأميركية بفرض حزمة جديدة من العقوبات على أفراد وكيانات داخل الجمهورية الإسلامية وخارجها بذريعة التعاون الاقتصادي والتجاري مع طهران.

إلى ذلك اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيراني بقائي، أنّ هذه العقوبات تعكس الطبيعة العدائية وغير القانونية للسياسات الأميركية تجاه الشعب الإيراني، مشددًا على أنّها تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان. كما أشار إلى أنّ ما وصفه بـ”الإرهاب الاقتصادي” الأمريكي يهدف إلى تقويض العلاقات القانونية بين الدول النامية، وزعزعة استقرارها.

ووصف بقائي هذه الإجراءات بأنها امتداد لسياسة “الضغوط القصوى” التي فشلت في تحقيق أهدافها، وأنها دليل إضافي على غياب حسن النوايا لدى صنّاع القرار في واشنطن، وتجاهلهم لأي مسار دبلوماسي جاد. وأكد أنّ الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة لسلوكها التصعيدي.

كما شدّد بقائي على أنّ الشعب الإيراني لم ينسَ التاريخ الطويل للعداء الأميركي، لا سيّما في مجال العقوبات التي أعاقت التنمية والتقدم العلمي والاقتصادي في البلاد، مؤكّدًا عزم الإيرانيين على مواصلة طريق العزّة والازدهار، في مواجهة محاولات الترهيب والضغط.

وفي قراءة للتوقعات المستقبلية وبناء على ما تقدم، تعد حزمة العقوبات الجديدة على إيران في ظل إرجاء المحادثات المتفق عليها، خطوة تشويشية لمسار الجولات السابقة من المفاوضات، كما تحمل معها إصرار الأميركي على انتهاج سلوك عدائي بعيدًا عن الدبلوماسية السياسية، والتاريخ حافل بمواقف مشابهة للولايات المتحدة التي كانت سباقة بالخروج من الاتفاقات الدولية. يشار إلى أن نجاح المفاوضات بين الطرفين يعتمد على اتفاق مرحلي بينهما حول مستوى التخصيب النووي وآلية رفع العقوبات، وهنا أظهرت أميركا حسن نيتها وصدق أعمالها بالحزمة الجديدة من العقوبات فهل تسعى لخلق توترات إقليمية جديدة؟

المحادثات الإيرانية الأميركية، تصل الی مستوی الخبراء

المحادثات الإيرانية الأميركية، تصل الی مستوی الخبراء

جولة ثالثة من المحادثات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة تحتضنها العاصمة مسقط برئاسة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والممثّل الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف.

عراقجي ولدى وصوله مسقط التقى نظيره العُماني بدر البوسعيدي مرتين وناقش معه الترتيبات المتعلقة بالجولة الثالثة، والتي بدات بمحادثات فنية على مستوى الخبراء بشأن البرنامج النووي الإيراني، تولى قيادتها نائب وزير الخارجية للشؤونِ السياسية مجيد تخت‌ روانجي ونائب الوزير للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب‌ آبادي، فيما قاد مايكل أنتون الذي يعمل مسؤولا عن التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، المحادثات الفنية من الجانب الأميركي.

وفيما اعتبر مستشار قائد الثورة الإسلامية علي شمخاني أن محادثات مسقط تشكل فرصة لتحقيق نجاح مشترك للجانبين على أساس الشفافية وضمان الالتزام والتوازن عبر إزالة الحظر وتحقق الشرعية في إطار القانون الدولي، اكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي ان الوفد الإيراني عازم على حماية حقوق الشعب الإيراني في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية مع الاستعداد لتقديم ضمانات بشأن سلمية البرنامج، مشدداً على ان إنهاء الحظر غير القانوني بشكل موضوعي وسريع يشكل اولوية.

محادثات تشارك فيها ايران بثقة مع الحرص على حماية المصالح الوطنية، كما أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، التي أكدت ان ايران تظل حذرة بشأن النوايا الحقيقية للحكومة الأميركية، مشددة على المحادثات ستركز فقط على الملف النووي، مع رفض محاولات توسيع نطاق هذه المحادثات.

من جهته أشار وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده إلى أن حضور الأطراف الأخرى إلى طاولة المفاوضات يُعزى إلى القدرات الدفاعية الإيرانية مؤكداً أن القوة الدفاعية هي الداعم الحقيقي للدبلوماسية، وتلعب دوراً محورياً في تعزيز موقف إيران على الساحة الدولية.

قناة العالم

بالمعلومات.. هذا ما حققته إيران في جولة المفاوضات النووية الأولى

بالمعلومات.. هذا ما حققته إيران في جولة المفاوضات النووية الأولى

لا يكتفي الإعلام المتصهين بفبركاته المعتادة والممجوجة ولا بسقطاته المعهودة التي تخرجه من دائرة المهنية والمصداقية الى دائرة الكذب والتضليل، بل يبني أمانيه وأضغاث أحلامه ويسقطها على أي حدث أو مستجد محلي إقليمي أو دولي.. آخر تلك المستجدات جولة المفاوضات الإيرانية الأميركية الأولى التي انطلقت يوم السبت الماضي في سلطنة عمان، إذ أكدت المعلومات زيف كل الادعاءات التي ساقها ذاك الإعلام.. وبيّنت أن جولة التفاوض لم تكن مباشرة عكس ما سيق في مزاعمهم، وأنها اقتصرت على تبادل الرسائل بشكل مكتوب بين الوفدين الإيراني والأميركي بوساطة عمانية دون حصول أي لقاء مباشر بين الطرفين اللذين حضرا في قاعتين منفصلتين، رغم كل المساعي الأميركية والاستعجال الترامبي لحصول هكذا لقاء. وفيما أجمعت كل التحليلات والتقييمات على أن انطلاقة المفاوضات في جولتها الأولى كانت إيجابية وبناءة رغم التباينات الإعلامية بشأن الملفات التي طرحت على طاولتها، برزت تساؤلات، ومنها ماذا حققت إيران في هذه الجولة من التفاوض؟.

تشير المعلومات الى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعجل الإعلان عن المفاوضات مع إيران، فكان أول من تحدث عن موعدها في محاولة منه لإحراجها، لكن طهران قلبت السحر على الساحر، وتمكنت من فرض شروطها في هذه المفاوضات سواء من حيث الشكل أو المضمون.

من حيث الشكل
أولاً – استطاعت إيران فرض التفاوض غير مباشر، تماماً كما أرادت منذ البداية. وجرى تبادل الرسائل المكتوبة بين الطرفين عبر الوسيط العماني ولم يجر التباحث بأي ملف وجهًا لوجه، إذ كان الطرفان يجلسان في قاعتين منفصلين، وفي ختام المحادثات وفي أثناء مغادرة الوفدين، تبادلا التحية من بعيد في ممر مقر الاجتماع.

ثانيًا – رضوخ واشنطن للإصرار الإيراني على وساطة سلطنة عمان رغم رغبة الطرف الأميركي بتغيير الوسيط العماني وتفضيله رعاية أطراف أخرى،. وقد أتى إصرار الجانب الإيراني على الرعاية العمانية لربط هذه الجولة بالمفاوضات غير المباشرة التي رعتها سلطنة عمان في مراحل سابقة.

من حيث المضمون
تؤكد المعلومات التي رشحت عن جولة المحادثات النووية الأولى بين الجانبين الاميركي والإيراني أن البحث انحصر في ملفين يفترض أن يستكمل النقاش بشأنهما خلال جولات المفاوضات المقبلة، وهما:

الأول – ملف البرنامج النووي الإيراني بما يتضمنه من إجراءات لطمأنة الغرب إلى عدم نية إيران امتلاك السلاح النووي، من ضمنها مثلاً مسألة نسبة تخصيب اليورانيوم، وآلية الرقابة والتفتيش الدولية للمنشآت النووية الإيرانية وسواها.

الثاني- ملف رفع العقوبات الأميركية الظالمة المفروضة على إيران.

هذه المعلومات تدحض بلا شك كل ما يروج له الإعلام المتصهين من أن المفاوضات الأميركية الإيرانية تشمل إلى جانب البرنامج النووي الإيراني ملف نفوذ إيران في المنطقة وبرنامج الصواريخ الباليستية، والدليل أنه لا يوجد أي تصريح رسمي أميركي يتحدث عكس ذلك، بل إن ترامب نفسه وفي تصريحه خلال استقباله رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو تحدث بشكل واضح وحصرًا عن الحرص على عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا، وهذا ما أزعج نتنياهو باعتبار أن ترامب لم يتطرق إلى شمول المحادثات النووية لدور إيران ونفوذها في المنطقة أو برامجها للصواريخ الباليستية والتي كان يرغب نتنياهو بفرضها على جدول أعمال المفاوضات.

وهنا تطرح التساؤلات وعلامات الاستفهام، إذا كان نتنياهو يئن ويتألم من وطأة المفاوضات الأميركية الإيرانية كونها تجري بما لا تشتهي سفنه، فلماذا نسمع صدى أنينه في بعض الإعلام العربي الذي يظهر كأنه يتوجع عنه، فيردد يوميًا أمانيه ويضع جداول أعماله الخاصة بالمفاوضات ويضمنها مطالب “إسرائيلية” عجز نتنياهو عن تحقيقها في حروبه المتواصلة في المنطقة منذ 18 شهرًا كالنيل من سلاح المقاومة وبرامج إيران الصاروخية ونفوذها في المنطقة ككل.

مهما يكن من أمر، فإن قطار المفاوضات الذي انطلق بإيجابية – وإن يكن من المبكر الحكم على نتائجه النهائية – أثبت ندية إيران ونجاحها بثبيت قواعد التفاوض التي لطالما نادت بها، والتي تحفظ لها حق استخدام الطاقة النووية السلمية دون أن تمس سيادتها ومبادئها الثورية.

هذا، ومن المتوقع أن تستكمل المفاوضات نهار السبت المقبل في جولتها الثانية في السفارة العمانية في العاصمة الإيطالية روما، وذلك بعدما طلب الجانب الأميركي تغيير المكان معتبرًا أن سلطنة عمان جارة إيران، وأن الجانب الإيراني لا يتحمل مشقة السفر التي يتحملها الوفد الأميركي للوصول إلى السلطنة، وهو ما رآه الوفد الإيراني طلبًا منطقيًا ويأتي في إطار الحرص على التوازن في المفاوضات، وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على أن تنتقل المفاوضات لتحصل في سفارة سلطنة عمان أو منزل سفيرها في روما.

علي عوباني – العهد

مؤشرات من جلسة التفاوض في عُمان: الضمانات تحمي أيّ اتفاق جديد

مؤشرات من جلسة التفاوض في عُمان: الضمانات تحمي أيّ اتفاق جديد

لماذا وصف المفاوضون الإيرانيون والأمريكيون جلستهم في عُمان بالبنّاءة والإيجابية؟ وهل أثمرت الجولة الأولى فعلًا عن بوادر حلحلة باتجاه التفاهم على اتفاق يُرضي الطرفيْن؟

يُجمع المراقبون على حُسن سيْر تفاوض عُمان غير المباشر بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة. مردّ ذلك هو تراجع اللاعب الأمريكي عن لغة التصعيد خلافًا لكلّ أسابيع التهديد والوعيد التي آذارها تجاه طهران.

بحسب اطلاع المتخصّص بالشؤون الإيرانية الدكتور حكم أمهز على مجريات ما حدث في الغرفتيْن المنفصلتيْن في سلطنة عُمان، والتي جلس فيهما المفاوضان الإيراني والأمريكي مع الوسيط الخليجي، يبدو أن الأمور سلكت طريق التهدئة حتى الآن. لكنّ الجولات المقبلة، والتي قد لا تكون قصيرة، يمكن أن تحمل مفاجآت أكبر إمّا لجهة التوصّل الى اتفاق فعليّ بضمانات محدّدة، وإمّا لجهة انسداد الأفق بسبب تفاصيل كثيرة تقنية.

يقول أمهز لموقع “العهد” الإخباري إن إيران استطاعت فرض شروطها، في اجتماع السبت، وذهبت الى لقاءات غير مباشرة بخلاف ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كما أنها تمكّنت من حصر النقاش في نقطة البرنامج النووي خلافًا للخطاب الأمريكي الذي روّج لاحتمال توسّع المواضيع. وهنا؛ بُحث في الإطار العام للمرحلة المقبلة للمفاوضات السبت القادم، وجدول أعمالها الذي سيكون تخصّصيًا وتقنيًا بشكل كبير، أي إنّ الجانبين سيتداولان: في كميات تخصيب اليورانيوم، أجهزة الطرد المركزي، المياه الثقيلة، شفافية البرنامج النووي الإيراني وكيفية المراقبة.

تمهيد لـ3 أسابيع في عُمان
وفقًا لمعلومات محدّثنا، ما سهّل الخروج بهذه النتيجة وتحديد موعد ثانٍ للمفاوضات هو التحضير الجيّد الذي سبق مفاوضات عُمان يوم 12 نيسان؛ فقد جرت مفاوضات مُكثّفة وغير مباشرة في أحد القصور العُمانية لثلاثة أسابيع متتالية بين وفود طهران وواشنطن على مستوى نواب وزراء الخارجية، فشكّلت أرضية تمهيدية للآتي من اللقاءات وحدّدت عناوين الجلسة التي كانت مُنتظرة يوم السبت.

انتزاع الضمانات يحمي الاتفاق
السؤال المطروح، اليوم، بعد إتمام الجولة الأولى من المفاوضات هو: ما الذي يمنع تكرار الانقلاب الأمريكي على الاتفاق الجديد اذا تمّ التفاهم عليه؟ هنا يرى أمهز أن إيران تسعى لانتزاع ضمانات من الجانب الأمريكي كي لا يتجدّد السيناريو المتفجّر والانسحاب الأمريكي، وهذا قد يُترجم وفقًا للآتي:

  • تأكيد مصادقة الكونغرس الأمريكي (الشيوخ والنواب) على الاتفاق إذا توصّل الأطراف، فيصبح معاهدة لا يستطيع ترامب الخروج منها.
  • السماح باستثمارات أمريكية كبيرة في إيران (في مجالي الغاز والنفط)، ما يدفع اللوبي الاقتصادي الأمريكي إلى إبداء حرص دائم على الأموال الأمريكية في إيران، ما يمنع انسحاب الدولة من الاتفاق. هذا الطرح ما يزال أوليًا ولم يُحسم؛ ويحتاج الى نقاش وموافقة من الجانب الإيراني.
  • إبقاء كميات اليورانيوم المخصّبة بنسبٍ عالية وأجهزة الطرد في إيران – نُقلت بموجب الاتفاق السابق إلى روسيا- وداخل مخزن تحت إشراف الوكالة الذرية للطاقة والجانب الإيراني، مع تضمين الاتفاق الجديد حقّ طهران بإعادة فتح المخازن من دون إذن الوكالة الدولية لتستفيد منها في حال لم يلتزم الطرف الآخر.
  • إعادة فتح السفارة الأمريكية في إيران. هذا الموضوع ليس مُستحيلًا لكن القرار فيه يعود للحكومة الإيرانية، وهنا لا بدّ من التذكير بأنّ الإمام الخميني (قده) سُئل في إحدى المرات عن إمكان فتح سفارة أمريكية مجدّدًا في الجمهورية الإسلامية فكانت إجابته :”لا عداء إلّا مع “إسرائيل”. وبالمحصّلة دور هذه السفارة يجب أن يكون محصورًا بربط العلاقات بين البلدين وعدم التدخل بشؤون إيران. وهذه النقطة ما يزال من المبكّر الحديث عن احتمال حصولها على أرض الواقع.
  • طمأنة الأمريكيين لناحية الهواجس المتعلقة بتصنيع إيران أسلحة نووية، وأن هذا ليس في قاموسها، عبر تعزيز الشفافية بزيادة عدد الكاميرات بالمنشآت ورفع عدد زيارات المراقبين الدوليين.

الوتيرة لن تكون سريعة جدًا
بالنسبة إلى محدّثنا هو يرى أن الخطوات يجب أن تكون مُتبادلة من أجل إنجاح الاتفاق إنْ حصل فعلًا، وكي يصل الطرفان إليه الأمر يحتاج الى وقت وليس بهذه السرعة. الجلسة المقبلة لن تكون سياسية؛ بل ستُعقد على مستوى خبراء، وستشهد نقاشات في التفاصيل، والشيطان يكمن فيها، ومنها “إسرائيل” والأطراف المتضررة من الوصول إلى اتفاق نووي.

مؤشرات حول جدية أميركا
يميل أمهز الى تغليب الإيجابية لناحية إمكان حصول الاتفاق بين الطرفيْن. إذ يبدو أن الأمريكي تحديدًا اتخذ قرارًا بالذهاب في طريق التفاوض حتى النهاية، ويُرجع ذلك الى أكثر من مؤشر توقّف عنده في رسالة ترامب إلى آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي. الأوّل: ما ورد في عبارته “الولايات المتحدة تحت قيادتي مستعدة لاتخاذ خطوة كبيرة من أجل السلام والتسوية في المنطقة مع إيران”؛ وهذا يعني استعداده لتقديم تنازلات أمام إيران. والثاني عبارة أخرى واردة في ختام الرسالة: “السلام يصنعه الأقوياء وليس الضعفاء”، وهذا دليل على تعاطي ترامب مع إيران من منطلق قوّتها. والثالث تحجيم دور رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في هذه المحادثات، وهو ما ظهر جليًا في المؤتمر الصحافي الأخير الذي جمعه به في البيت الأبيض إلى حدّ تحييده عن المفاوضات.

الخطوط الحمراء
أمّا الخطوط الحمراء التي قد تفجّر المفاوضات، في جولاتها المقبلة، إن على مستوى وزراء خارجية أو على مستوى خبراء من البلديْن، فيمكن اختصارها برأي محدّثنا، بإثارة موضوع تجميد البرنامج النووي الإيراني أو التطرق إلى الصواريخ الباليستية أو القدرات العسكرية أو علاقات إيران، وأيّ بحث في ذلك قد ينسف كلّ الجهود التي بذلت سابقًا.

لطيفة الحسيني – العهد

ايران: المباحثات مع الولايات المتحدة ستظل “غير مباشرة”

ايران: المباحثات مع الولايات المتحدة ستظل “غير مباشرة”

أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الأحد 13 نيسان/نيسان 2025، أن المباحثات التي جرت مع الولايات المتحدة أمس في سلطنة عُمان، انحصرت بملفي البرنامج النووي الإيراني والعقوبات الغربية المفروضة على طهران.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن مكان الجولة الثانية من المحادثات “قد يتغير”، إلا أنه شدد على أن سلطنة عُمان “ستبقى وسيطًا” بين الطرفين، في إشارة إلى استمرار الدور العُماني في تسهيل التواصل بين طهران وواشنطن.

وفي وقت سابق اليوم، ذكرت إيران أن الولايات المتحدة أبدت رغبتها في التوصل إلى اتفاق نووي “بأقرب وقت ممكن”، في أعقاب جولة الحوار النادرة التي استضافتها مسقط، بينما لوّح الرئيس الأميركي باستخدام الخيار العسكري في حال فشلت جهود التوصّل إلى اتفاق جديد.

وترأس الوفد الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، المعروف بدوره المحوري في صياغة اتفاق 2015 النووي، بينما قاد الوفد الأميركي ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو رجل أعمال بارز في قطاع العقارات. وقد جمع لقاء وجيز بين المسؤولَين على هامش المحادثات.

وفي تصريح للتلفزيون الرسمي الإيراني، قال عراقجي إن الجانب الأميركي عبّر عن رغبته في الوصول إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن، لكنه أقر بأن تحقيق ذلك “لن يكون سهلاً”، وسيتطلب “استعداداً من كلا الطرفين”.

وأضاف: “في اجتماع السبت، اقتربنا إلى حد كبير من تحديد أسس التفاوض. لا نحن ولا الجانب الآخر نرغب في مفاوضات عقيمة أو نقاشات من أجل النقاش فقط. نريد مفاوضات بنّاءة لا تستغرق وقتاً بلا طائل”. وختم عراقجي بالإشارة إلى أن جولة جديدة من المفاوضات ستُعقد السبت المقبل، على أمل التوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة.