بالمعلومات.. هذا ما حققته إيران في جولة المفاوضات النووية الأولى

بالمعلومات.. هذا ما حققته إيران في جولة المفاوضات النووية الأولى

لا يكتفي الإعلام المتصهين بفبركاته المعتادة والممجوجة ولا بسقطاته المعهودة التي تخرجه من دائرة المهنية والمصداقية الى دائرة الكذب والتضليل، بل يبني أمانيه وأضغاث أحلامه ويسقطها على أي حدث أو مستجد محلي إقليمي أو دولي.. آخر تلك المستجدات جولة المفاوضات الإيرانية الأميركية الأولى التي انطلقت يوم السبت الماضي في سلطنة عمان، إذ أكدت المعلومات زيف كل الادعاءات التي ساقها ذاك الإعلام.. وبيّنت أن جولة التفاوض لم تكن مباشرة عكس ما سيق في مزاعمهم، وأنها اقتصرت على تبادل الرسائل بشكل مكتوب بين الوفدين الإيراني والأميركي بوساطة عمانية دون حصول أي لقاء مباشر بين الطرفين اللذين حضرا في قاعتين منفصلتين، رغم كل المساعي الأميركية والاستعجال الترامبي لحصول هكذا لقاء. وفيما أجمعت كل التحليلات والتقييمات على أن انطلاقة المفاوضات في جولتها الأولى كانت إيجابية وبناءة رغم التباينات الإعلامية بشأن الملفات التي طرحت على طاولتها، برزت تساؤلات، ومنها ماذا حققت إيران في هذه الجولة من التفاوض؟.

تشير المعلومات الى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعجل الإعلان عن المفاوضات مع إيران، فكان أول من تحدث عن موعدها في محاولة منه لإحراجها، لكن طهران قلبت السحر على الساحر، وتمكنت من فرض شروطها في هذه المفاوضات سواء من حيث الشكل أو المضمون.

من حيث الشكل
أولاً – استطاعت إيران فرض التفاوض غير مباشر، تماماً كما أرادت منذ البداية. وجرى تبادل الرسائل المكتوبة بين الطرفين عبر الوسيط العماني ولم يجر التباحث بأي ملف وجهًا لوجه، إذ كان الطرفان يجلسان في قاعتين منفصلين، وفي ختام المحادثات وفي أثناء مغادرة الوفدين، تبادلا التحية من بعيد في ممر مقر الاجتماع.

ثانيًا – رضوخ واشنطن للإصرار الإيراني على وساطة سلطنة عمان رغم رغبة الطرف الأميركي بتغيير الوسيط العماني وتفضيله رعاية أطراف أخرى،. وقد أتى إصرار الجانب الإيراني على الرعاية العمانية لربط هذه الجولة بالمفاوضات غير المباشرة التي رعتها سلطنة عمان في مراحل سابقة.

من حيث المضمون
تؤكد المعلومات التي رشحت عن جولة المحادثات النووية الأولى بين الجانبين الاميركي والإيراني أن البحث انحصر في ملفين يفترض أن يستكمل النقاش بشأنهما خلال جولات المفاوضات المقبلة، وهما:

الأول – ملف البرنامج النووي الإيراني بما يتضمنه من إجراءات لطمأنة الغرب إلى عدم نية إيران امتلاك السلاح النووي، من ضمنها مثلاً مسألة نسبة تخصيب اليورانيوم، وآلية الرقابة والتفتيش الدولية للمنشآت النووية الإيرانية وسواها.

الثاني- ملف رفع العقوبات الأميركية الظالمة المفروضة على إيران.

هذه المعلومات تدحض بلا شك كل ما يروج له الإعلام المتصهين من أن المفاوضات الأميركية الإيرانية تشمل إلى جانب البرنامج النووي الإيراني ملف نفوذ إيران في المنطقة وبرنامج الصواريخ الباليستية، والدليل أنه لا يوجد أي تصريح رسمي أميركي يتحدث عكس ذلك، بل إن ترامب نفسه وفي تصريحه خلال استقباله رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو تحدث بشكل واضح وحصرًا عن الحرص على عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا، وهذا ما أزعج نتنياهو باعتبار أن ترامب لم يتطرق إلى شمول المحادثات النووية لدور إيران ونفوذها في المنطقة أو برامجها للصواريخ الباليستية والتي كان يرغب نتنياهو بفرضها على جدول أعمال المفاوضات.

وهنا تطرح التساؤلات وعلامات الاستفهام، إذا كان نتنياهو يئن ويتألم من وطأة المفاوضات الأميركية الإيرانية كونها تجري بما لا تشتهي سفنه، فلماذا نسمع صدى أنينه في بعض الإعلام العربي الذي يظهر كأنه يتوجع عنه، فيردد يوميًا أمانيه ويضع جداول أعماله الخاصة بالمفاوضات ويضمنها مطالب “إسرائيلية” عجز نتنياهو عن تحقيقها في حروبه المتواصلة في المنطقة منذ 18 شهرًا كالنيل من سلاح المقاومة وبرامج إيران الصاروخية ونفوذها في المنطقة ككل.

مهما يكن من أمر، فإن قطار المفاوضات الذي انطلق بإيجابية – وإن يكن من المبكر الحكم على نتائجه النهائية – أثبت ندية إيران ونجاحها بثبيت قواعد التفاوض التي لطالما نادت بها، والتي تحفظ لها حق استخدام الطاقة النووية السلمية دون أن تمس سيادتها ومبادئها الثورية.

هذا، ومن المتوقع أن تستكمل المفاوضات نهار السبت المقبل في جولتها الثانية في السفارة العمانية في العاصمة الإيطالية روما، وذلك بعدما طلب الجانب الأميركي تغيير المكان معتبرًا أن سلطنة عمان جارة إيران، وأن الجانب الإيراني لا يتحمل مشقة السفر التي يتحملها الوفد الأميركي للوصول إلى السلطنة، وهو ما رآه الوفد الإيراني طلبًا منطقيًا ويأتي في إطار الحرص على التوازن في المفاوضات، وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على أن تنتقل المفاوضات لتحصل في سفارة سلطنة عمان أو منزل سفيرها في روما.

علي عوباني – العهد

ايران: المباحثات مع الولايات المتحدة ستظل “غير مباشرة”

ايران: المباحثات مع الولايات المتحدة ستظل “غير مباشرة”

أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الأحد 13 نيسان/نيسان 2025، أن المباحثات التي جرت مع الولايات المتحدة أمس في سلطنة عُمان، انحصرت بملفي البرنامج النووي الإيراني والعقوبات الغربية المفروضة على طهران.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن مكان الجولة الثانية من المحادثات “قد يتغير”، إلا أنه شدد على أن سلطنة عُمان “ستبقى وسيطًا” بين الطرفين، في إشارة إلى استمرار الدور العُماني في تسهيل التواصل بين طهران وواشنطن.

وفي وقت سابق اليوم، ذكرت إيران أن الولايات المتحدة أبدت رغبتها في التوصل إلى اتفاق نووي “بأقرب وقت ممكن”، في أعقاب جولة الحوار النادرة التي استضافتها مسقط، بينما لوّح الرئيس الأميركي باستخدام الخيار العسكري في حال فشلت جهود التوصّل إلى اتفاق جديد.

وترأس الوفد الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، المعروف بدوره المحوري في صياغة اتفاق 2015 النووي، بينما قاد الوفد الأميركي ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو رجل أعمال بارز في قطاع العقارات. وقد جمع لقاء وجيز بين المسؤولَين على هامش المحادثات.

وفي تصريح للتلفزيون الرسمي الإيراني، قال عراقجي إن الجانب الأميركي عبّر عن رغبته في الوصول إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن، لكنه أقر بأن تحقيق ذلك “لن يكون سهلاً”، وسيتطلب “استعداداً من كلا الطرفين”.

وأضاف: “في اجتماع السبت، اقتربنا إلى حد كبير من تحديد أسس التفاوض. لا نحن ولا الجانب الآخر نرغب في مفاوضات عقيمة أو نقاشات من أجل النقاش فقط. نريد مفاوضات بنّاءة لا تستغرق وقتاً بلا طائل”. وختم عراقجي بالإشارة إلى أن جولة جديدة من المفاوضات ستُعقد السبت المقبل، على أمل التوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة.