بسط للقوة، رسم جديد لخارطة المنطقة، وإعادة هيكلة قواعد الصراع مع العدوّ الأميركي– الإسرائيلي، هذه كانت نتائج انتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية على العدوان الصهيو – أميركي.
“شعب كالأسد” بهذا العنوان بدأ العدوّ الصهيوني عدوانه الغاشم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والواقع هو محاولة بائسة لإيجاد الاتحاد والوحدة بين المستوطنين للالتفاف حول قرارات حكومتهم التي جرتهم منذ تشرن الأول للعام ألفين وثلاثة عشرين نحو حروب متتالية لا مفر منها.
تحولت عملية طوفان الأقصى إلى معركة وجود بالنسبة للعدو الصهيوني تجرأ من بعدها على شن حروب خارج نطاق الأراضي المحتلة. فما السبب؟
هي قاعدة عامة تلجأ إليها حكومة الاحتلال للفرار من فشل داخلي، ومحاولة لرص الصفوف وجمعها حول قرار الحرب، أي عندما تواجه حكومة العدوّ خطرًا يهدّدها بالداخل تلجأ لحرب خارجية لتعيد اتحاد شعبها وهذا ما حصل، فبعد الفشل في غزّة ثمّ رفح لم يكن هناك خيار أمام العدوّ الذي يعيش الهزيمة بعد عدم تحقيق أهدافه المعلنة من الحرب، سوى خطوة أخرى يلملم بها ماء وجهه فكانت الحرب على لبنان التي رغم قساوتها على بيئة حزب الله بشكل عام والحزب بشكل خاص مع ما قدمته من تضحيات فقد استخدم العدوّ جميع أوراقه غير الأخلاقية في محاولة لتدمير حزب الله والقضاء عليه، وكانت المفارقة بالصمود الأسطوري لبيئة وشعب المقاومة واستمرارها بقصف العدوّ لمدة ستة وستين يومًا ما أجبر العدوّ على طلب وقف إطلاق النار.
أما العدوان على إيران فقد جاء في ظل ظروف دبلوماسية سعت إيران من خلالها لإبراز توجهاتها بعيدًا عن الحرب، حيث كانت المفاوضات الإيرانية الأميركية حول الملف النووي رغم اختلاف الطرفين تجري بشكل يتسم بالمرونة، ولكن لم يرض الغرور الصهيوني قيام ترامب بهذه الخطوة بعيدًا عن المباركة الصهيونية فكان لا بد من اتّخاذ القرار.
والصحيح أن نتنياهو لم يقم بأي من أعماله الإجرامية دون موافقة أميركية، وبطبيعة الحال أخذ الموافقة من ترامب، بعد أن هدّد الأخير بالحرب على إيران ما لم ترضخ لشروطه في المفاوضات، وهذا الأمر ما لم يقبله العقل الفارسي.
وبهذا شهدنا اثني عشر يومًا من أيام الله في حرب لا مثيل لها حيث قامت دولة مسلمة بدك الأراضي المحتلة بصواريخ متنوعة وحولت أمنهم المزعوم إلى كابوس مرعب. هذا مع ما شهدناه في الفترة الماضية من محاولات لأنظمة عربية لاتباع طريق التطبيع المخزي.
في قراءة تفصيلية، نجد أن العدوّ الصهيوني استهان بالقدرات الصاروخية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد يكون قرأ نوع الرد في عمليتي الوعد الصادق واحد واثنين وطريقته بشكل خاطئ ما دفعه للقيام بهذه الحركة الانتحارية. كما علق الآمال في خطته أولًا على إرباك الجمهورية من خلال استهداف القيادات العسكرية في الصف الأول، ثمّ تحريك الخلايا النائمة الداعمة للعدو داخليًّا لتحرك بدورها الشعب وبالتالي إسقاط النظام. ولكن قيادة العدوّ وحتّى الأميركي لم يفهموا العقل الإيراني والتركيبة الإيرانية ولهم الحق فكيف لدولة مستحدثة لم تبلغ الثمانين من العمر وأخرى مغتصبة قامت على رفات شعب ذي أرض وسيادة، أن تفهم معنى القومية الوطنية وروح الانتماء، وأن تدرك أهمية التاريخ العريق الذي تمتلكه الإمبراطورية الفارسية.
وعليه انهارت أوهام العدوّ عندما وقف الشعب الإيراني بكلّ أطيافه ومكوناته صفًّا واحدًا كالبنيان المرصوص مع دولته وأيدوا قرار قيادتهم وثبتوا في مواجهة العدوان، مقابل انقسام في الداخل الصهيوني بين مؤيد ومعارض للحرب على إيران وكانت النسبة الرافضة تفوق المؤيدة. ومن صور الثبات التي صدرها الشعب الإيراني للعالم أجمع أولًا استكمال الحياة بشكل طبيعي، والدليل المسيرات التي خرج بها الشعب لتأيد الدولة في ما يعبّرون عنه ” بتلقين العدوّ الدرس”، كما خرجت أعداد غفيرة في مسيرة يوم عيد الغدير وهو احتفال سنوي يقام في المحافظات الإيرانية يمتد لعدة كيلومترات. في الجهة الأخرى لدينا مستوطن لا يملك ذرة من الوطنية حمل حقائبه وركض نحو البحر للهروب من جحيم الصواريخ الإيرانية. وهنا تكمن الحكمة: شعب اختار الوطن وعلى استعداد للتضحية رغم الاختلافات وآخر تخلّى عن الوطن بما فيه للنجاة. ثانيًا الموقف المشرف لمذيعة قناة خبر الإيرانية السيدة سحر إمامي حيث بث روح الثبات والمقاومة لدى الشعب، ثالثًا وقوف الفئة المعارضة بشكل قوي وبارز إلى جانب الحكومة والدولة مما أفشل مخطّطات العدو.
أما في العسكر، فكانت الإستراتيجية الإيرانية تعمل على استهداف المقرات العسكرية والمنشآت الاقتصادية والعلمية داخل الكيان، بحيث نوعت بين الكم والنوع في استخدام الصواريخ والمسيرات، كما عملت على إنهاك الدفاعات الجوية للعدو من خلال إرسال مسيرات انقضاضية أتبعتها برشقات صاروخية متنوعة، وبعد أيام من تبادل الضربات كان الطلب “الإسرائيلي” بدخول أميركا الحرب إسنادًا له، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على انتهاء بنك الأهداف لديه في إيران، كما يشير إلى أنه لم يحقق أهدافه من العدوان على الجمهورية وأراد من خلال هذه الحركة تدارك الموقف. نذكر هنا أن البيانات الصادرة عن القيادات العسكرية وحتّى السياسية في إيران تدل بكلّ ثقة على قدرتها على استكمال الحرب وجهوزيتها التامة لسنوات من القتال، وهذا ما لا يقدر عليه الكيان أي الدخول في حرب استنزاف فكانت المشاركة الأميركية لإنقاذ الموقف الصهيوني ومحاولة لإنهاء الحرب بطريقة استعراضية كما وصفها العديد من الخبراء العسكريين والسياسيين حيث أشار البعض منهم إلى أن دخول أميركا الحرب كان فقط لحفظ ماء وجهها وإلا هي ليست في هذا الوارد، فضربة منشأة فوردو النووية سبقه تهويل إعلامي حول القاعدة ليكون تأثير الضربة ووقعها على الرأي العام في أميركا و”إسرائيل” كبير، في المقلب الأخر الصور والفيديوهات التي نشرت للمنشأة بعد الضربة تؤكد على عدم تضررها بالكامل وهذا ما أكدته القيادة الإيرانية، أي فشل الهدف من الاستهداف الذي أعلنه الرئيس ترامب وهو تدمير قدرات إيران على التخصيب.
ثم جاء إعلان وقف إطلاق النار، بعد نداءات ترامب الاستغاثية حيث وجه رسائل إلى حكام الدول العربية للتوسط لدى إيران لإنهاء الحرب، بعد استهداف إيران لقواعد أميركية في قطر حيث أطلق على العملية اسم “بشائر الفتح”، ليكون الفتح بانتصار الجمهورية الإسلامية على الكيان الغاصب وكلّ داعميه، وذلك بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار الذي كانت فيه الجمهورية الإسلامية من أطلق الطلقة الأخيرة تجاه بئر السبع في الداخل المحتل.
في الأهداف المعلنة للعدوان على إيران، تدمير القدرة الصاروخية الإيرانية، إيقاف العمل في المجال النووي وإسقاط النظام، فهل نجح العدوّ الصهيوني في تحقيق أهدافه؟ طبعًا لم يستطع حتّى الوصول إلى مشارف هدف من الأهداف المعلنة، فالقدرة الصاروخية لإيران لا يعلم بها إلا الله ومن يعمل بهذا المجال، أما الملف النووي فهو وإن تضرر بسبب بعض الضربات فبحسب الإعلام العبري لم يُرجع إيران إلا أشهرًا للوراء، فلا إنجاز يذكر. أما الهدف الثالث الذي عملت أميركا بشكل خاص عليه منذ انتصار الثورة الإسلامية من خلال حرب مفروضة على إيران نفذتها أميركا وكلّ الغرب الداعم لها آنذاك بأداة صدام حسين والبعث العراقي، كما جندت منافقي خلق ودعمتهم بالمال لتنفيذ هذا الهدف وعندما أيقنت أن الحرب المباشرة لن تجدي نفعًا اتجهت نحو الحرب الناعمة والعمل على فئة الشباب وبالأخص الفتيات لزعزعة ثقتهم بالدولة، كما زرعت خلايا داخل المجتمع الإيراني، وكان العدوّ الصهيوني يعول على هاتين الفئتين في عدوانه حيث انقلب السحر على الساحر، وصدم العدوّ بوقوف الشعب الإيراني وبالأخص المعارض إلى جانب حكومته ودولته وتحت راية قائده في مواجهة العدوان. وعليه لم يحقق العدوّ أيًّا من أهدافه وهذا الفشل أجبره على طلب وقف إطلاق النار.
في المكاسب والأرباح، كسب رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو داخليًّا سخط المستوطنين وحقدهم عليه، كما حفز لديهم شعور الهروب إلى مكان أكثر أمنًا. أما خارجيًّا فالشارع العام العالمي أصبح مدركًا لمدى إجرام الكيان ويعلم أهمية التخلص منه. اما على الصعيد الإيراني فحققت إيران مكابس عدة، داخليا، جاءت هذه الحرب لتكون فرصة مناسبة لتنظيف الداخل الإيراني من كلّ أذرع الغرب وخلاياه النائمة، كما أعطت النظام الثقة التامة من كلّ مكونات الشعب. إقليميًّا، كرست إيران نفسها لاعبًا ومؤثرًا إقليميًّا لا يمكن تخطيه، كما أعطت مصداقية لشعاراتها الثورية الداعمة للمستضعفين والمنادية بالموت لأميركا و”إسرائيل”. أما خارجيًّا، فقد اكستبت تعاطفًا عالميًّا من الشعوب التي تجد أن “إسرائيل” ترتكب المجارز والإبادة في غزّة، كما شكلت دفعًا معنويًّا لقوى “محور المقاومة” بعد الضربات التي تعرضت لها.
وفي الختام نقول إن وقف إطلاق النار ساري المفعول ولكن هذا لا يعني أن الحرب بين الحق والباطل قد انتهت بل الآن هو الوقت المناسب لإعادة بناء القوّة والتحضير لمواجهات أعنف، قد تكون في الدخل، فقد يلجأ العدوّ إلى عمليات الاغتيال والتفجيرات، وعليه لا بد من اليقظة والحذر من غدر العدوّ وكيده.
مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على إيران واستهداف منشآتها النووية واغتيال عدد من قادتها العسكريين وخبرائها النووين، عاد سيناريو إغلاق إيران لمضيق هرمز إلى الواجهة، ولا سيما أن إيران هددت في السابق بإغلاق هذا المضيق أمام حركة الملاحة كجزء من ردّها.
أقرب مثال شهده العالم لما قد يعنيه إغلاق مضيق هرمز هو ما قامت به حركة أنصار الله اليمنية عبر إغلاق مضيق باب المندب، وما ترتب على ذلك من تداعيات قاسية على حركة التجارة العالمية. إلا أن السيناريو الأكثر تعقيداً وخطورة، في ظل تصاعد التهديدات التي تواجه إيران، يتمثل في احتمال إغلاق كلا المضيقين معاً. فما الذي قد يترتب على هذا السيناريو من تأثيرات على التجارة العالمية؟
ما أهمية مضيق هرمز؟ يقع مضيق هرمز بين سلطنة عُمان وإيران، يبلغ عرضه عند أضيق نقطة نحو 33 كيلومتراً، فيما لا يتجاوز عرض ممرات الشحن 3 كيلومترات في كل اتجاه. يعد ممراً استراتيجيا لتجارة الطاقة بين الخليج العربي وباقي العالم، ويمثّل المضيق المنفذ البحري الوحيد لكل من العراق والكويت والبحرين وقطر، وهي دول تعتمد بشكل كبير على الواردات لتأمين احتياجاتها الأساسية
في خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2023، مرّ عبر المضيق ما يقرب من 30% من إجمالي تجارة النفط العالمية، وذهبت 70% من هذه الكميات إلى الأسواق الآسيوية. كما تمر عبره جميع صادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر والإمارات، بما يمثل نحو 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال عالمياً. وكانت الأسواق الآسيوية الوجهة الرئيسة لهذه الصادرات، حيث استحوذت على 80% من الكميات المنقولة عبر المضيق، في مقابل نحو 20% فقط ذهبت إلى أوروبا.
تبرز أهمية المضيق بشكل خاص للصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم والمركز الصناعي الأبرز، حيث أن 44% من وارداتها المُعلنة من النفط الخام في العام 2023 جاءت من الدول العربية (باستثناء سلطنة عُمان)، فضلاً عن كميات إضافية غير مُعلنة من إيران الخاضعة للعقوبات الدولية.
على الجانب الآخر من شبه الجزيرة العربية، يقع باب المندب بين اليمن والقرن الأفريقي، وهو نقطة وصل بين المحيط الهندي والبحر الأحمر، يمثّل باب المندب مساراً مباشراً للشحن التجاري البحري إلى أوروبا وأميركا، ويمر عبره ما بين 6% إلى 7% من تجارة النفط العالمية. يعبر المضيق يومياً حوالي 50 سفينة تجارية تحمل النفط والغاز والبضائع في الحاويات والبضائع السائبة. وفي حال إغلاق باب المندب، تضطر الناقلات إلى الانعطاف حول رأس الرجاء الصالح، ما يزيد مسافة الرحلة بحوالي 5,000 ميل بحري، ويترتب عليه زيادة في التكاليف والوقت المستغرق.
أدّت هجمات أنصار الله عند باب المندب – التي بدأت في أواخر العام 2023 – إلى تجنّب معظم السفن العبور من البحر الأحمر، ففي شهرين فقط تراجعت أعداد السفن المارّة من خليج عدن، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، بنحو النصف، وبحلول منتصف العام 2024، تراجعت حمولة السفن المارة من خليج عدن بنسبة 76%، وفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية. أما قناة السويس، المدخل الشمالي للبحر الأحمر، فوصل التراجع في الحمولة المارة إلى 70% في الفترة نفسها.
ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟
هل تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز؟
بالفعل، تمتلك إيران القدرة على إغلاق مضيق هرمز إذا رغبت في ذلك. فالساحل الإيراني يطل على المضيق لأكثر من 100 ميل بحري، وتمتلك إيران عدداً كبيراً من الصواريخ والطائرات المسيرة والأنظمة البحرية والجوية التي يمكن أن تهدّد السفن المارة في المضيق، وتمتلك إيران أيضاً بطاريات صاروخية على الشاطئ تغطي المضيق لمهاجمة السفن بالإضافة إلى الفرقاطات والزوارق. وقد تكفي هجمات إيرانية محدودة لإيقاف حركة الملاحة، خاصة إذا شعرت شركات الشحن بارتفاع المخاطر وارتفاع تكاليف التأمين.
لماذا لا تفعل إيران ذلك؟ أولاً، إن أي هجوم إيراني على المضيق هو خط أحمر بالنسبة إلى دول الخليج، فضلاً عن أنه سيستثير الولايات المتحدة الأميركية، خصوصاً وأن الأسطول الأميركي الخامس، متمركز حالياً في البحرين.
أيضاً، سيؤدي إغلاق المضيق إلى تعطيل قدرة إيران على استخدام المضيق لصادراتها من النفط. وفقاً لبيانات شركة كبلر، المتخصصة في تجميع البيانات والبحوث الصناعية، صدّرت إيران في المتوسط 1.65 مليون برميل يومياً من النفط الخام ومكثفات الغاز في خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2024. تعتمد إيران على هذه الصادرات في توليد 65% من إيرادات الحكومة و8% من الناتج المحلي الإجمالي. من دون عائدات النفط، ستضطر الحكومة الإيرانية إلى خفض الدعم على الوقود والمواد الغذائية الأساسية، التي تساهم في الحفاظ على انخفاض الأسعار التي يستفيد منها 91 مليون نسمة من سكان إيران.
إضافة إلى ذلك، تذهب الغالبية العظمى من صادرات النفط الإيرانية إلى الصين، حيث تشير التقديرات إلى أن النسبة تصل إلى 90%. ولهذا السبب تخشى إيران من أن يؤدي إغلاق المضيق إلى استياء الصين، ما قد يضعف علاقتها مع حليف أساسي وقوي، خصوصاً في ظل العزلة الدولية والحصار الذي تواجهه إيران.
في المقابل، تشير بعض التحليلات إلى أن إيران قادرة على التخفيف من تأثيرات إغلاق مضيق هرمز عليها. ففي تشرين الأول/ تشرين الأول 2024، وبعد أن بدأت إيران تصدير النفط من منشآتها في «جاسك» على سواحل بحر عمان خارج منطقة الخليج العربي، توقع محللون أن تستعد إيران لإغلاق المضيق عبر استراتيجية تطوير مرافق بديلة تضمن استمرار تصدير النفط.
أيضاً، لطهران طريقة أخرى لتعطيل حركة الملاحة البحرية والتجارة العالمية من دون الإضرار بمصالحها الخاصة، وهي احتجاز السفن التجارية التابعة لدول منافسة مثل إسرائيل والولايات المتحدة، رداً على ما تعتبره أعمالاً استفزازية.
ما يقلل من تبعات إغلاق مضيق هرمز على دول الخليج والعالم هو أن السعودية والإمارات لديهم خطوط أنابيب بديلة يمكن الاعتماد عليها. ففي حالة السعودية، يمكن نقل 5.1 مليون برميل يومياً عبر خط أنابيب الشرق-الغرب وتحميلها من البحر الأحمر، إلا أن هذا الخط عرضة لهجمات من قِبل حركة أنصار الله. أما الإمارات فتتمتع بوضع أفضل، حيث تمتلك خط أنابيب من أبوظبي إلى الفجيرة، الذي بدأ العمل به في 2012، بسعة تصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً. ويقع ميناء الفجيرة على خليج عُمان، وليس على الخليج العربي الذي تهدد إيران بإغلاقه. ويملك الميناء القدرة على تصدير نحو 75% من إجمالي إنتاج الإمارات من النفط الخام إذا دعت الحاجة.
أطلقت إيران، مساء أمس الجمعة، عملية “الوعد الصادق 3″، في رد على العدوان الإسرائيلي على البلاد، مستهدفةً مناطق واسعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بموجات متعددة من الصواريخ البالستية.
القصف الصاروخي الإيراني، دفع السفير الأميركي في كيان الاحتلال، مايك هاكابي، إلى القول إن “الليلة الماضية في تل أبيب، كانت قاسية جداً”.
الإعلان الإيراني عن العملية مع انطلاق الموجة الأولى من الصواريخ الإيرانية، نحو الأراضي المحتلة، أطل قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، في كلمة متلفزة، أعلن فيها أن “الشعب الإيراني لن يسكت عن دماء شهدائه، ولن يغضّ الطرف عن انتهاك سماء بلاده”.
وتوعّد السيد خامنئي الاحتلال بأنه لن “يفلت سالماً من الجريمة الكبرى التي ارتكبها”.
من جانبه، أعلن الحرس الثوري، في بيان، بدء “رده الساحق، والدقيق، على عشرات الأهداف، والمراكز العسكرية، والقواعد الجوية، للنظام الصهيوني الغاصب، في الأراضي المحتلة”.
الأماكن المستهدفة الهجمات الصاروخية من إيران، استهدفت مساحة واسعة من الأراضي المحتلة، إلا أنها تركّزت في “تل أبيب”.
ودوت صفارات الإنذار، بشكل متكرّر، في منطقة “تل أبيب”، والقدس والضفة الغربية، في الوسط، كما دوّت في مناطق الجليل وحيفا شمالاً، وفي عدّة مناطق جنوب فلسطين المحتلة.
إيران أعلنت استهداف مقر وزارة “الأمن” الإسرائيلية (الكرياه)، مرتين خلال هجماتها، كما استهدفت قواعد جوية، أبرزها “رامات دافيد” في الشمال، و”نيفاتيم” جنوباً، إضافةً إلى المراكز الصناعية العسكرية، التي قالت طهران إن “جيش النظام الصهيوني استخدمها لإنتاج الصواريخ، وغيرها من المعدات، والأسلحة العسكرية، لارتكاب الجرائم ضد الشعوب المقاومة في المنطقة”.
وأكدت وكالة “تاس” الروسية أن الضربات الإيرانية أصابت أكثر من 150 هدفاً، من بينها قواعد جوية إسرائيلية تضم مقاتلات من طراز “أف 35″ و”أف 16″ و”أف 15”.
وتحاول “إسرائيل” التكتم على نتائج الرد الإيراني، من خلال فرض قيود على النشر، والمنع من التصوير في محيط الأهداف المصابة، حيث طلب “الجيش” الإسرائيلي، من المستوطنين، عدم تصوير أماكن سقوط الصواريخ الإيرانية.
كثافة النيران في العملية منصات الأخبار والقنوات في كيان الاحتلال، تحدّثت عما لا يقل عن 200 صاروخ، أُطلقت من إيران نحو “إسرائيل”، في الضربات الإيرانية المتعاقبة.
كما قال “الجيش” الإسرائيلي إن أنظمة الدفاع الجوي، تعاملت مع المئات من المسيّرات، حيث تحدّث عن 200 مسيرة، أطلقت من إيران، في ساعات الصباح الأولى، أمس، ما خلا الدفعات الأخرى، التي أطلقت في أوقات لاحقة.
آثار العملية على البنى التحتية والسكان وسائل إعلام إسرائيلية عديدة، تحدّثت عن “دمار غير مسبوق في تل أبيب”، كما أظهرت صور، نشرها المستوطنون، ووكالات أنباء دولية، دماراً واسعاً في المناطق التي أصابتها الصواريخ الإيرانية مباشرةً.
وذكرت وسائل الإعلام، أن 10 فرق إطفاء وإنقاذ، تعمل في منطقة “لتسيون – جنوب تل أبيب”، التي شهدت “دماراً كبيراً، في إثر سقوط صاروخ إيراني”.
كما أصاب صاروخ إيراني “منطقة استراتيجية، إلى الجنوب من تل أبيب”، فضلاً عن حدوث إصابات مباشرة في “غوش دان”، وإحداث أضرار بالغة بمنبى مكوّن من 50 طبقة في “تل أبيب الكبرى”، بحسب الإعلام العبري.
أما على صعيد السكان، فقد ذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أنه جرى إجلاء العشرات من السكان في “تل أبيب”، وستقوم البلدية بنقلهم إلى مراكز نزوح خاصة.
وأقر “جيش” الاحتلال، بأن الدفاعات الجوية الخاصة به “ليست محكمة”، طالباً من المستوطنين “التنبّه”، والبقاء قرب “الأماكن المحصنة”.
قتلى وإصابات عديدة بين المستوطنين القناة 12 الإسرائيلية، قالت إن 3 من المستوطنين قتلوا، فيما أُصيب 100 آخرون في الرشقات الصاروخية الإيرانية المتتالية التي استهدفت “إسرائيل”، فيما لم يعلن جيش الاحتلال عن خسائر بشرية في صفوفه تبعاً لسياسة التعتيم التي يتبعها في مثل هذه الحالات.
فرق الإسعاف الإسرائيلي، تحركت بكثرة في منطقة “الوسط”، خصوصاً في “غوش دان” و”رامات غات”، كما نشطت، بوتيرة أقل، جنوب وشمال الأراضي المحتلة.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إن المستشفيات الإسرائيلية تتعامل مع العشرات من الإصابات الخطِرة.
الدفاعات الجوية الإيرانية في غضون ذلك، بدأت الدفاعات الجوية الإيرانية، التعامل مع مقذوفات، وطائرات مسيرة، ومقاتلات إسرائيلية، منذ عصر الجمعة.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن الجيش الإيراني، أن دفاعاته تمكنت من إسقاط مقاتلتين إسرائيليتين من طراز F-35، فضلاً عن العشرات من الطائرات المسيّرة، المسلحة، والتجسسية.
وكان حرس الثورة في إيران، قد أكّد في بيانه الثاني، أمس، أن عملية “الوعد الصادق 3” “جزء من رد الجمهورية الإسلامية”.
افتتحت الدورة الـ 29 للمعرض الدولي للنفط والغاز والتكرير والبتروكيماويات صباح اليوم الخميس الثامن من شهر أيار للعام 2025 أعمالها برعاية وزير النفط محسن باك نجاد ومديري الشركات النفطية والضيوف الأجانب في المقر الدائم للمعارض الدولية في العاصمة الإيرانية طهران.
ويحمل المعرض لهذا العام شعار “الاستثمار في صناعة النفط، يكفل التنمية الاقتصادية”. يشارك في هذه التظاهرة الصناعية التي تمثل أكبر ملتقى لصناعة النفط في الشرق الأوسط ما يزيد عن ألفي شركة إيرانية وأجنبية عاملة في صناعات النفط من 14 بلدًا في العالم.
ومن الدول المشاركة في المعرض نذكر: الصین، روسیا، إسبانیا، ایطالیا، بريطانيا، سويسرا، کوريا الجنوبیة، ترکیا، الهند، الإمارات العربیة المتحدة، کندا، فرنسا، المانيا والبرازیل.
وقال وزير النفط محسن باك نجاد خلال كلمة ألقاها في حفل الافتتاح إن هذا المعرض ليس ملتقى تجاريًا فحسب بل رمز للعزيمة الوطنية للتحول إلى مركز للطاقة والتعاون الإقليمي في قطاع النفط والغاز، مشيرًا إلى أن أكثر من 30 مشروعًا كبيرًا بصناعة النفط باستثمارات تبلغ 10 مليارات دولار، يشكّل أولوية تنفيذية وعملانية لوزارته في العام الإيراني الحالي.
وأضاف أن مشاركة الشركات الناشئة والحديثة والمجموعات الصناعية الكبيرة والرصينة في المعرض مؤشر على الترابط المعمق بين الخبرة والحداثة على طريق تنمية هذه الصناعة. موضحًا أن المعرض يغطي أكثر من 37 قسمًا تخصصيًا.
هذا وزار رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان خلال جولته التفقدية للمعرض أجنحة الشركات الداخلية والخارجية العاملة في قطاعات النفط والغاز والتكرير والبتروكيماويات واطلع على آخر المنجزات والتكنولوجيات ومجالات الاستثمار بهذه الصناعة.
من جانب آخر قال المدير العام لبورصة الطاقة الإيرانية محمد نظيفي، حول النهج الجديد للشركة وحضورها في “معرض النفط والغاز والتكرير والبتروكيماويات”: إن تطوير أدوات وأسواق بورصة الطاقة الإيراني وتعزيز الأدوات الحالية، إلى جانب ترقية بنية تكنولوجيا المعلومات وإضفاء المرجعية على هذه السوق، هي من أولوياتنا في العام 2025. وأضاف: لتحقيق هذا الهدف، نحتاج إلى مزيد من التواصل مع الناشطين وأصحاب المصلحة في قطاع الطاقة بالبلاد.
وذكر نظيفي أن بورصة الطاقة، باعتبارها أكبر منصة متخصصة لتداول ناقلات الطاقة، تستخدم الإمكانيات المتاحة في أكبر معرض بالبلاد، وأضاف: حضورنا في معرض النفط هو خطوة نحو زيادة تواصل بورصة الطاقة مع الناشطين في هذا القطاع.
ويستضيف المعرض سلسلة من الأحداث حول محور الشركات المعرفية والناشئة والجامعات وواحات التكنولوجيا، وكذلك إقامة ورشات وندوات تخصصية وتدشين تجهيزات ومنتجات إيرانية المنشأ وتقديم طاقات حديثة في دورة قيمة النفط والغاز.
ومن ميزات هذه الدورة، إقامة المعرض الافتراضي بواسطة الذكاء الاصطناعي للمرة الأولى، ما يمهد للمشاركة والزيارة الافتراضية له حول العالم. وسيتم على هامشه التوقيع على مذكرات تفاهم واتفاقات وعقود مختلفة في مجالات البحوث والتصنيع وشراء التجهيزات والخدمات التخصصية والتنموية بين الشركات.
إن إيران بوصفها تملك واحدًا من أكبر مخزونات النفط والغاز في العالم، حظيت على الدوام باهتمامات الخبراء والمتخصصين الدوليين في صناعة الطاقة.
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، شهدت العلاقات الإيرانية الأميركية مفاوضات غير مباشرة بوساطة عُمان، الدولة التي لتسعى تعزيز مكانتها كجسر دبلوماسي بين الشرق والغرب. حيث أقيمت المباحثات على جولات ثلاث وعلقت الرابعة لأسباب لوجستية. هذا وتكتسب هذه المحادثات أهمية كبيرة، خاصة في إطار تقدم المفاوضات النووية ورفع الحظر الجائر عن إيران، ويمكن عدها خطوة أساسية في العملية الدبلوماسية الإيرانية. يذكر أنه على هامش هذا الحدث أقيمت مشاورات سياسية ودبلوماسية مكثفة بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية والأطراف الإقليمية والعالمية.
تأتي هذه المفاوضات بعد سنوات من الجمود السياسي، خاصةً بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي عام 2018. وأكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دائمًا على أهمية الدبلوماسية متعددة الأطراف والتعاون مع الجهات الفاعلة الدولية الأخرى، وتأمل أن تتمكن من خلال ذلك من تحقيق النتائج المرجوة في رفع الحظر غير القانوني وإرساء الاستقرار في المنطقة وتؤكد على حقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، كما طالبت برفع جميع العقوبات كشرط أولي لأي اتفاق، كما تصر على حقها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% لأغراض سلمية، بينما تسعى واشنطن لضمان عدم تحوُّل البرنامج النووي الإيراني إلى عسكري.
وفي الحديث عن شكل المفاوضات ومحتواها بين إيران وأميركا، اختارت الجمهورية الإسلامية الإيرانية المباحثات غير المباشرة، وذلك حرصًا منها على حقها في إثبات قوتها كلاعب قوي ومؤثر، فتاريخ العلاقات بين البلدين مليء بانتهاك الولايات المتحدة للاتفاقيات، فلا ثقة تدعم خيار المفاوضات المباشرة، وعليه هي فرصة استغلتها الجمهورية الإسلامية لاختبار مدى صدق الولايات المتحدة.
ومع العنوان العريض للولايات المتحدة بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، فهي بالمقابل تظهر مرونة في التفاوض تحت ضغط العقوبات، وهذا ما انتقده مجلس العلاقات الخارجية الأميركي معتبرًا أن في نهج واشنطن “تنازلًا استباقيًا” لإيران.
أقيمت المفاوضات غير المباشرة بين الدولتين بوساطة سلطنة عمان، على جولات ثلاث، نظمت الجولة الأولى بمشاركة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وذلك عبر وساطة وزير الخارجية العُماني بدر لبوسعيدي بتاريخ 12 نيسان/نيسان 2025 في العاصمة العُمانية مسقط. استمرت المفاوضات ساعتين ونصفًا، من خلال تبادل الرسائل بين الطرفين عبر الوسيط العُماني. ناقش الطرفان فيها رفع العقوبات الأميركية والملف النووي الإيراني، وقد وصفت الجولة الأولى “بالإيجابية والبناءة” واتفق على عقد الجولة الثانية في روما.
أما الجولة الثانية التي عقدت بتاريخ 19 نيسان/نيسان 2025 في العاصمة الإيطالية روما، بحضور ثلاثي كما في الجولة الأولى، فقد تميزت بتعميق النقاش الفني، واستمرت المحادثات بنفس النهج غير المباشر، مع تبادل الرسائل عبر الوسيط العُماني، حيث تم التركيز على الجوانب الفنية لرفع العقوبات والملف النووي. هذا وشدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أن إيران ترفض التفاوض على أي قضايا خارج الملف النووي (مثل البرنامج الصاروخي أو الدعم الإقليمي). كما أشار إلى وجود “تقدّم” لكنه نوّه لوجود خلافات جوهرية، خاصة حول مستوى تخصيب اليورانيوم (60% حالياً). وعليه تم الاتفاق بين الجانبين على عقد جولة أخرى في مسقط بتاريخ 26 نيسان.
الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة أقيمت بتاريخ 26 نيسان/نيسان 2025 في العاصمة العُمانية مسقط، وحملت الطابع نفسه للجولتين السابقتين مع حضور خبراء فنيين، واتسمت بنقاشات مكثفة وخلافات مستمرة، حيث استمرت المباحثات نحو 9 ساعات، ووصفت بأنها “الأكثر جدية”. وتبادل الطرفان وثائق مكتوبة حول آلية رفع العقوبات وضوابط التخصيب النووي. يذكر أن وزير الخارجية الإيرانية عراقجي أشار إلى أن الخلافات لا تزال قائمة، خاصة حول حق إيران في تخصيب اليورانيوم، كما وصفه بـ”غير القابل للتفاوض”، مشيرًا إلى أن العقوبات الأميركية “إرهاب اقتصادي”. إلى ذلك اتفق الطرفان على عقد الجولة الرابعة في روما بتاريخ 3 أيار/أيار 2025.
الجولة الرابعة التي كان من المقرر أن تقام في 3 أيار/أيار 2025 في روما، أرجئت “لأسباب لوجستية” بناء على اقتراح عُماني، حيث أعلن البوسعيدي، في منشور على منصة “أكس”، عن “إعادة جدولة الاجتماع الأميركي – الإيراني، الذي كان مقرّرًا السبت، لأسباب لوجستية” وذلك إلى “موعد يتم الاتفاق عليه بين الطرفين”. إلى ذلك جدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، “التزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالاستفادة من الدبلوماسية كوسيلة لتحقيق المصالح المشروعة والقانونية للشعب الإيراني، وإنهاء العقوبات والضغوط الاقتصادية التي تستهدف الحقوق الإنسانية ورفاهية كل فرد من أفراد الشعب الإيراني”. وأوضح أنّ “الوفد الإيراني، ومنذ بدء مشاركته في المفاوضات، حدّد إطارًا واضحًا يستند إلى المبادئ الأساسية للجمهورية الإسلامية ووفقًا للقانون الدولي، بما يخصّ الاستخدام السلمي للطاقة النووية وإنهاء العقوبات غير القانونية، وقد أظهر جديته في إجراء مفاوضات قائمة على النتائج، بهدف التوصّل إلى تفاهم عادل، معقول، ومستدام، وسيواصل هذا النهج بثبات وقوة”.
وقد أرجع المراقبون لتطور ملف المفاوضات بين الجانبين الإيراني والأميركي توقف مسار الجولات التفاوضية لعدة أسباب منها الضغوط الداخلية الأميركية، والتي تنتقد التنازلات الاستباقية لواشنطن، كما يتحدث المتابعون عن وجود تصعيد إقليمي متمثل بانفجار ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس، والذي قد يؤثر على أجواء المفاوضات، حيث سعى رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو لاستغلال الحادث وتوجيه الرأي العام داخل الكيان إلى أن انفجار الميناء من فعله.
تزامنت هذه التطورات مع قيام الإدارة الأميركية بفرض حزمة جديدة من العقوبات على أفراد وكيانات داخل الجمهورية الإسلامية وخارجها بذريعة التعاون الاقتصادي والتجاري مع طهران.
إلى ذلك اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيراني بقائي، أنّ هذه العقوبات تعكس الطبيعة العدائية وغير القانونية للسياسات الأميركية تجاه الشعب الإيراني، مشددًا على أنّها تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان. كما أشار إلى أنّ ما وصفه بـ”الإرهاب الاقتصادي” الأمريكي يهدف إلى تقويض العلاقات القانونية بين الدول النامية، وزعزعة استقرارها.
ووصف بقائي هذه الإجراءات بأنها امتداد لسياسة “الضغوط القصوى” التي فشلت في تحقيق أهدافها، وأنها دليل إضافي على غياب حسن النوايا لدى صنّاع القرار في واشنطن، وتجاهلهم لأي مسار دبلوماسي جاد. وأكد أنّ الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة لسلوكها التصعيدي.
كما شدّد بقائي على أنّ الشعب الإيراني لم ينسَ التاريخ الطويل للعداء الأميركي، لا سيّما في مجال العقوبات التي أعاقت التنمية والتقدم العلمي والاقتصادي في البلاد، مؤكّدًا عزم الإيرانيين على مواصلة طريق العزّة والازدهار، في مواجهة محاولات الترهيب والضغط.
وفي قراءة للتوقعات المستقبلية وبناء على ما تقدم، تعد حزمة العقوبات الجديدة على إيران في ظل إرجاء المحادثات المتفق عليها، خطوة تشويشية لمسار الجولات السابقة من المفاوضات، كما تحمل معها إصرار الأميركي على انتهاج سلوك عدائي بعيدًا عن الدبلوماسية السياسية، والتاريخ حافل بمواقف مشابهة للولايات المتحدة التي كانت سباقة بالخروج من الاتفاقات الدولية. يشار إلى أن نجاح المفاوضات بين الطرفين يعتمد على اتفاق مرحلي بينهما حول مستوى التخصيب النووي وآلية رفع العقوبات، وهنا أظهرت أميركا حسن نيتها وصدق أعمالها بالحزمة الجديدة من العقوبات فهل تسعى لخلق توترات إقليمية جديدة؟