بزشكيان: يجب استئصال جذور الإرهاب من خلال التضامن الإقليمي

بزشكيان: يجب استئصال جذور الإرهاب من خلال التضامن الإقليمي

أدان الرئيس الايراني مسعود بزشكيان بشدة الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة بهالغام بالهند، وأعرب عن تعاطفه مع حكومة وشعب الهند، مؤكدًا على ضرورة التعاون بين دول المنطقة لمواجهة الإرهاب والتضامن ضد هذا التهديد المشترك.

وأجرى بزشكيان محادثة هاتفية مساء السبت مع رئيس وزراء جمهورية الهند، ناريندرا مودي، لمناقشة آخر التطورات في شبه القارة الهندية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين جمهورية إيران الإسلامية والهند.

إيران تدين بشدة الأعمال الإرهابية واللاإنسانية
وفي بداية هذه المحادثة، أعرب الرئيس الايراني عن أسفه العميق للحادث الإرهابي الأخير في مدينة بهالغام، والذي أسفر عن خسائر في الأرواح وإصابة عدد كبير من المواطنين الهنود الأبرياء وأعرب عن خالص تعاطفه مع حكومة وشعب الهند، مؤكدًا: “إن جمهورية إيران الإسلامية تدين بشدة مثل هذه الأعمال الإرهابية واللاإنسانية”.

وفي إشارة إلى تزايد الأعمال الإرهابية في المنطقة، أشار بزشكيان إلى أن “هذه الأحداث المريرة تُضاعف المسؤولية المشتركة لجميع دول المنطقة، وتتطلب منا تجفيف جذور الإرهاب وضمان السلام والهدوء الدائمين لشعوبنا من خلال التآزر والتضامن والتعاون الوثيق”.

وأكمل حديثه مُشيدًا بالإرث الثمين للقادة الهنود العظام، وقال: “نعرف الأمة الهندية بشخصيات بارزة مثل المهاتما غاندي وجواهر لعل نهرو، اللذين كانا رسولي سلام وصداقة وتعايش سلمي في العالم. ونأمل أن يظل هذا النهج والسياسة الاستراتيجيان محور علاقات الهند مع جميع دول العالم”.

وفي جانب آخر من المحادثة، اشار الرئيس بزشكيان إلى الاتجاه المتنامي في العلاقات الاقتصادية بين إيران والهند، وأعرب عن أمله، في أن يشهد مستوى التعاون الثنائي مزيدًا من التطور، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والبنية التحتية.

دعوة رسمية لرئيس الوزراء الهندي لزيارة طهران
وأكد الدكتور بزشكيان أهمية المشاريع المشتركة، بما في ذلك تطوير ميناء تشابهار جنوب شرق ايران، وأضاف: “يمكن لتشابهار أن تلعب دورًا محوريًا في التفاعلات الاستراتيجية في المنطقة، ورابطًا استراتيجيًا بين إيران والهند وروسيا. نأمل أن تتسارع وتيرة تنفيذ المشاريع المشتركة، وأن نحقق نتائج ملموسة وفعّالة”.

ووجه الرئيس الايراني دعوة رسمية لرئيس الوزراء الهندي لزيارة طهران، وقال: “نودّ دراسة ومتابعة مجالات تعميق وتوسيع التعاون الشامل بين البلدين في جوّ وديّ وبناء”.

إيران قادرة على فهم معاناة الشعب الهندي أكثر من أي دولة أخرى
وفي هذه المحادثة، أعرب رئيس الوزراء الهندي عن تقديره للمكالمة الهاتفية التي أجراها الدكتور بزشكيان ورسالة التعاطف التي بعث بها، مؤكدًا: “إنّ تعبيركم عن تعاطفكم مع حكومة وشعب الهند قيّم ومشجع للغاية”.

وفي إشارة إلى تفاصيل حادثة بهالغام الإرهابية، استذكر التجربة المريرة للشعب الإيراني مع الإرهاب، وأضاف “ناريندرا مودي”: “نظرًا لتجاربها المؤلمة، تستطيع إيران فهم مشاعر الشعب الهندي ومعاناته أكثر من أي دولة أخرى. نتفق تمامًا مع وجهة نظركم بأن مكافحة الإرهاب تتطلب وحدة وتعاونًا شاملًا بين دول المنطقة”.

كما صرّح رئيس الوزراء الهندي، في إشارة إلى لقائه الأخير مع الدكتور بزشكيان في قازان بروسيا، قائلًا: “العلاقات الثنائية بين الهند وجمهورية إيران الإسلامية تسير على مسار جيد للغاية، ونحن عازمون على تعزيز هذه العلاقات في جميع المجالات”.

دعم جهود إيران لتعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي
وأشاد مودي بدور إيران البنّاء في ضمان السلام والأمن العالميين، وقال: “تدعم الحكومة الهندية جهود إيران لتعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي، وتؤكد على ضرورة حل النزاعات دبلوماسيًا، بما في ذلك بين إيران والولايات المتحدة”.

كما أعرب رئيس الوزراء الهندي عن أسفه العميق للحادث الأخير في ميناء الشهيد رجائي بمحافظة هرمزكان جنوب ايران، وأعلن استعداد بلاده لتقديم أي مساعدة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وأعرب مودي عن خالص تمنياته للرئيس الإيراني، ولقائد الثورة بالصحة والعافية، وللشعب الإيراني العظيم بالتقدم والازدهار.

العالم

ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار ميناء إلى 18 قتيلا و800 مصاب

ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار ميناء إلى 18 قتيلا و800 مصاب

أعلنت منظمة الطوارئ الإيرانية، اليوم الأحد، ارتفاع ضحايا الانفجار في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس جنوبي إيران إلى 18 قتيلاً، وأكثر من 800 مصاب.

وشهد ميناء “شهيد رجائي” بمدينة بندر عباس الساحلية جنوبي إيران أمس السبت، انفجارا هائلا وشعر السكان في المنطقة المحيطة بهزة أرضية.

وصرح المتحدث باسم منظمة إدارة الأزمات، أن “سبب الانفجار كان التخزين غير الآمن للمواد الكيميائية داخل الحاويات”. وسارعت فرق الإنقاذ والإسعاف الإيرانية إلى المكان لتحصي الجرحى والقتلى، مع عمليات إخلاء لمكان الحادث ونقل المصابين.

صحيفة عبرية تكشف كيفية سرقة الموساد وثائق إيران النووية

صحيفة عبرية تكشف كيفية سرقة الموساد وثائق إيران النووية

لم يكشف الأرشيف النووي الإيراني عن المواقع والوثائق والصور فحسب، بل كشف أيضا عن معلومات أولية عن عمليات التستر على المسارات وأساليب الإخفاء المستخدمة للاختباء من المفتشين، ومع بدء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاوضات جديدة مع طهران، فإن المهم بالنسبة لمن درس وثائق الأرشيف، هو كيف ستنتهك إيران الاتفاق، لا هل ستنتهكه.

بهذه المقدمة لخصت صحيفة يسرائيل هيوم مقالا -بقلم إيتاي إيلناي- تحدث فيه عن سرقة المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) “الأرشيف النووي الإيراني”، عندما اقتحم عملاؤه مستودعا في قلب طهران في كانون الثاني/كانون الثاني 2018، وعادوا “بنصف طن من الوثائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني”.

كانت البداية -حسب الصحيفة- في كانون الثاني/كانون الثاني 2016، حين اكتشف الموساد نشاطا تقوم به وزارة الدفاع الإيرانية، أظهرت متابعته أن موظفي الوزارة كانوا يجمعون بدقة وثائق من مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد، وينقلونها سرا إلى مستودع مدني في منطقة صناعية جنوب طهران.

استنتج الموساد أن القاسم المشترك بين هذه الوثائق هو أنها جميعها مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، فأمر رئيس الموساد آنذاك يوسي كوهين عملاءه “أن استعدوا لجلب هذه المواد إلى الوطن”، وهو ما نفذ بنجاح خلال عامين.

ومن بين المواد الهائلة المسروقة من الأرشيف النووي، كشفت وثائق معلومات استخباراتية لم تكن معروفة لدى إسرائيل، حيث ذكرت أسماء وأماكن عدة مواقع أجرت فيها إيران أنشطة نووية عسكرية سرية، يقول المصدر “لم نكتشف هذه المواقع إلا بعد سرقة الأرشيف”.

ولكن وثائق الأرشيف النووي كشفت أكثر من ذلك، وتضمنت أدلة قاطعة على محاولات إيران الخداع فيما يتعلق بالإشراف على برنامجها النووي، وكيف بذلت قصارى جهدها لإخفاء أنشطتها عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يفترض أنها تراقب البرامج النووية المدنية في جميع أنحاء العالم وتمنع تطوير الأسلحة النووية.

وأثبتت وثائق الأرشيف -حسب الصحيفة- ما زعمته إسرائيل من أن إيران تضلل مفتشي الوكالة الذرية، وتقدم تقارير كاذبة وتزور وثائق، وتدمر وتطهر مواقع نووية لإضعاف القدرة على العثور على أدلة إدانة فيها، وتحول مسار المعدات والمواد النووية من مواقع مشبوهة لإخفاء صلتها ببرنامجها النووي العسكري.

وأشارت الصحيفة، بمناسبة المفاوضات الجارية حاليا بين واشنطن وطهران بشأن اتفاق نووي جديد، إلى أن إيران التي بذلت كل ما في وسعها لخداع آليات المراقبة، لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنها ستتصرف بشكل مختلف هذه المرة.

وفي تتبعها للوثائق، أشارت الصحيفة إلى موقعي رامين ولافيزان، وقالت إنهما كانا لإنتاج “الكعكة الصفراء” وتحويلها إلى مركبات اليورانيوم اللازمة لإنتاج المواد الانشطارية للأسلحة النووية، ولكن الأخير منهما دمرته إيران عام 2002 بالكامل، وقد طلب مفتشو الوكالة الدولية زيارته بعد ذلك في عام 2004.

كما استطردت الصحيفة وثيقة تتعلق بمنجم اليورانيوم الذي يديره الإيرانيون في غتشين، ومنشأة الكعكة الصفراء في بندر عباس، وقالت إنه عثر على أدلة قاطعة على أن إيران زورت وثيقة من وزارة العدل الإيرانية لدعم رواية زائفة قدمت للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن هذين الموقعين.

وتتعلق جهود إيران للتستر -حسب الصحيفة- بالأنشطة المتعلقة ببرنامجها العسكري لتطوير الأسلحة النووية الذي أطلق عليه اسم “برنامج عماد”، وهو بقيادة عالم الذرة البروفيسور محسن فخري زاده الذي اغتيل قرب طهران عام 2020، وكان يهدف إلى إنتاج عدد صغير من القنابل الذرية التي يمكن تركيبها على صاروخ باليستي.

وكشفت وثائق من الأرشيف النووي الإيراني أن منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، التي أجلت إيران الإبلاغ عنها كموقع نووي حتى اكتشفت عام 2002، وقد حفرت لسبب ما على عمق 66 قدما تحت الأرض، وكانت بمثابة نموذج لخبراء برنامج “أماد”، الذين زاروا نطنز وتشاوروا مع مديريها بشأن إنشاء وتشغيل موقع تخصيب سري إضافي، وهو الذي تم الكشف عنه في فوردو عام 2009، حسب الصحيفة.

وقالت الصحيفة إن نية الإسرائيليين الذين كانوا يحفرون أنفاقا عميقة في الجبل ويجهزونها بالبنية التحتية لتخصيب اليورانيوم، كانت إنشاء موقع لا يتم الإبلاغ عنه للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لمواصلة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى منخفض في نطنز، وتخصيبه سرا إلى مستوى عالٍ في فوردو، تشير الوثائق الموجودة إلى أنه يزيد عن 90% وبكمية 99 رطلا سنويا.

وعندما فكرت إسرائيل في كيفية التصرف بالمعلومات الوفيرة التي حصلت عليها بعد سرقة الأرشيف النووي الإيراني، قررت مشاركتها كاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية -حسب الصحيفة- ويقول مصدر أمني مطلع “كان الأرشيف ذا أهمية لأنه مكننا من كشف حقيقة البرنامج النووي الإيراني. كان يحتوي على الكثير من المعلومات التي لم تكن معروفة سابقا”.

آثار يورانيوم طبيعي
وبالفعل، طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المزودة بوثائق الأرشيف والمعلومات الاستخباراتية التي تشير إلى انتهاكات إيران في المجال النووي، إيران بالسماح لها بإجراء تجارب في عدة مواقع غير معلنة في البلاد، لكن هذه الطلبات رفضت مرارا وتكرارا بحجج وصفتها الصحيفة بأنها غريبة.

ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من أجل الضغط على إيران دبلوماسيا، كشف في خطاب له في الجمعية العامة للأمم المتحدة، موقع تورقوز آباد للعالم أجمع، وانتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي قال إنها رفضت إجراء تجارب في الموقع حتى بعد استلامها مواد الأرشيف النووي الإيراني.

ونجح هذا الضغط، وزادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مطالبها من إيران، الاختبارات في تورقوز آباد، لم تجر إلا بعد فترة طويلة، ومع ذلك عثر على آثار يورانيوم طبيعي، ورفضت الوكالة التفسيرات التي قدمتها إيران، والتي تفيد بأن الموقع كان يستخدم لإنتاج مركبات كيميائية للصناعات المدنية، كما رفضت التفسيرات التي قدمتها إيران بشأن الموقع في فارامين.

ومع ذلك، باءت جهود الوكالة في التعامل مع “الملفات المفتوحة” بالفشل تقريبا، واعترف رئيس الوكالة رافائيل غروسي قبل عام بأن “إيران على بعد أسابيع من امتلاك قنبلة نووية”، وأن “عدم حصولنا على مستوى الوصول اللازم إلى المواقع النووية في البلاد يزيد الوضع سوءا”.

وختمت الصحيفة بأن كلمات غروسي يجب أن تجد صدى لدى الأميركيين، الذين يتفاوضون حاليا مع إيران بشأن برنامجها النووي، كما يجب أن تكون نقطة البداية في واشنطن أن إيران ستبذل مجددا كل ما في وسعها لانتهاك بنود الاتفاق ومواصلة التقدم نحو امتلاك القنبلة.

الغد

المحادثات الإيرانية الأميركية، تصل الی مستوی الخبراء

المحادثات الإيرانية الأميركية، تصل الی مستوی الخبراء

جولة ثالثة من المحادثات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة تحتضنها العاصمة مسقط برئاسة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والممثّل الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف.

عراقجي ولدى وصوله مسقط التقى نظيره العُماني بدر البوسعيدي مرتين وناقش معه الترتيبات المتعلقة بالجولة الثالثة، والتي بدات بمحادثات فنية على مستوى الخبراء بشأن البرنامج النووي الإيراني، تولى قيادتها نائب وزير الخارجية للشؤونِ السياسية مجيد تخت‌ روانجي ونائب الوزير للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب‌ آبادي، فيما قاد مايكل أنتون الذي يعمل مسؤولا عن التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، المحادثات الفنية من الجانب الأميركي.

وفيما اعتبر مستشار قائد الثورة الإسلامية علي شمخاني أن محادثات مسقط تشكل فرصة لتحقيق نجاح مشترك للجانبين على أساس الشفافية وضمان الالتزام والتوازن عبر إزالة الحظر وتحقق الشرعية في إطار القانون الدولي، اكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي ان الوفد الإيراني عازم على حماية حقوق الشعب الإيراني في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية مع الاستعداد لتقديم ضمانات بشأن سلمية البرنامج، مشدداً على ان إنهاء الحظر غير القانوني بشكل موضوعي وسريع يشكل اولوية.

محادثات تشارك فيها ايران بثقة مع الحرص على حماية المصالح الوطنية، كما أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، التي أكدت ان ايران تظل حذرة بشأن النوايا الحقيقية للحكومة الأميركية، مشددة على المحادثات ستركز فقط على الملف النووي، مع رفض محاولات توسيع نطاق هذه المحادثات.

من جهته أشار وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده إلى أن حضور الأطراف الأخرى إلى طاولة المفاوضات يُعزى إلى القدرات الدفاعية الإيرانية مؤكداً أن القوة الدفاعية هي الداعم الحقيقي للدبلوماسية، وتلعب دوراً محورياً في تعزيز موقف إيران على الساحة الدولية.

قناة العالم

خاص | الاتفاق النووي الإيراني: صراع الإرادات في ظلّ التحوّلات الكبرى

خاص | الاتفاق النووي الإيراني: صراع الإرادات في ظلّ التحوّلات الكبرى

مروة الشامي

تعيدنا دهاليز الاتفاقات دومًا إلى حقيقة أن لا شيء مستحيلًا سياسيًا، وأنّ تحوّلاتٍ كبرى قد تقلب المشهد رأسًا على عقب، وتُعيد رسم توازنات بدت بالأمس محسومة. فبينما انتهت المفاوضات حول النووي الإيراني منذ سنوات بنتائج سلبية، تعود اليوم لتُستأنف بزخمٍ متصاعد، آخذةً منحى مختلفًا على أكثر من صعيد.

عودة أميركا للتفاوض
بعد سنوات من الانسحاب الأحادي الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، وتهديد الرئيس ترامب في ولايته الأولى بمهاجمة طهران ما لم تتوصل إلى اتفاق جديد يمنعها من تطوير سلاح نووي، يعود ترامب نفسه إلى التفاوض مع إيران، هذه المرّة عبر مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، ومن قلب روما، حيث يشكّل رئيس وزرائها، جيورجيا ميلوني، المقرّب من ترامب، ورقة دعم محتملة في أية عملية إنقاذ للمفاوضات.

وفيما تسعى الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق خلال 60 يومًا، يرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن مستويات انعدام الثقة، والطبيعة التقنية للمحادثات، تجعل من غير المرجّح التوصل إلى اتفاق بهذه السرعة. ومن النقاط الأساسية في التفاوض اليوم، مسألة الضمانات الخارجية التي تطالب بها إيران في حال انسحبت الولايات المتحدة مجددًا من الاتفاق أو أخلّت به، ما يمنح طهران موقعًا تفاوضيًا أقوى من السابق.

الدور الروسي يتجدّد
على المقلب الآخر، وبعد سنوات من المساعي الغربية لعزل روسيا وتهميش دورها عبر حرب الاستنزاف في أوكرانيا، تعود موسكو لتفرض حضورها السياسي على الساحة الدولية، حيث تظهر كطرفٍ أساسي في أي اتفاق نووي مرتقب. ووفقًا لتقرير نشرته ذا غارديان يوم الأحد، يُروَّج لروسيا ليس فقط كوجهة محتملة لتخزين مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، بل أيضًا كحَكَمٍ محتمل في حال حدوث انتهاكات للاتفاق، في مشهد يعكس تراجع النفوذ الأوروبي وتقدّم موسكو كمُحدّد رئيسي في المفاوضات.

تغيّر في الموقف الخليجي
من جهةٍ أخرى، وبعد أن عارضت السعودية الاتفاق الذي توصّل إليه الرئيس أوباما مع إيران قبل عقد من الزمن ووصفته بأنه “اتفاق ضعيف”، تبدو الرياض هذه المرة أقل اعتراضًا، رغم تشابه مضامين الاتفاقين. وفي تقرير تحليلي نشرته نيويورك تايمز، اعتبرت الصحافية فيفيان نيريم أن تحسّن العلاقات السعودية-الإيرانية، وسعي المملكة إلى التحوّل إلى مركز إقليمي في مجالات الأعمال والتكنولوجيا والسياحة، يدفعها لتجنّب التوترات الإقليمية، ويجعلها أكثر انفتاحًا على التسويات.

وتنقل نيريم عن الباحثة كريستين سميث ديوان قولها: “طريقة تفكيرهم (السعوديين) تغيّرت. في عهد أوباما، كانوا يخشون تقاربًا أميركيًا-إيرانيًا قد يعزلهم. أما في عهد ترامب، فهم يخشون من تصعيد قد يستهدفهم مباشرةً”. وتشير نيريم في تقريرها الى أنّ تعرّض السعوديين لهجومٍ على إحدى منشآتهم النفطية في العام 2019 أعلمتهم بـ”محدودية تحالفهم مع الولايات المتحدة، مما دفعهم الى إجراء محادثات مع إيران بدلًا من استمرار الصراع”.

“إسرائيل” خارج التأثير
وفي خضمّ هذه التحولات، يبدو أن تل أبيب تواجه تراجعًا في قدرتها على التأثير. فقد كشفت جيروزاليم بوست عن اجتماع سرّي ضمّ رئيس الموساد دافيد بارنيا ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، في محاولة “لاعتراضه” وهو في طريقه الى الجولة الثانية من المفاوضات. وأشارت الصحيفة إلى أن “إسرائيل”، التي اعتادت على التأثير في القرار الأميركي بشأن إيران، باتت تواجه واقعًا جديدًا، حيث “رجل الساعة” اليوم ليس في تل أبيب، بل في روما وطهران.

وتُبرز الصحيفة فشل هذه المساعي الإسرائيلية في ضوء التفاؤل الإيراني بنتائج الجولة الثانية، وتحفّظ واشنطن على بعض التفاصيل، وتحديد موعدٍ لجولة ثالثة في الأسبوع المقبل. كما عبّرت الصحيفة عن قلق متزايد في الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية من إمكانية توقيع اتفاق لا ترى فيه “إسرائيل” ضمانات كافية لوقف “الخطر النووي الإيراني”.

في ضوء هذا المشهد المتحوّل، تبدو المفاوضات النووية أكثر من مجرد نقاش تقني حول تخصيب اليورانيوم، بل صراع إرادات دولية يتقاطع فيه السياسي مع العسكري، وتُعيد عبره قوى كبرى كروسيا وإيران التموضع في قلب معادلات الإقليم والعالم. وبينما تُرسم خرائط التأثير من جديد، تبدو واشنطن مضطرة للتراجع خطوة إلى الخلف لإعادة ترتيب أولوياتها، في وقتٍ يبتعد فيه العدو الصهيوني عن القدرة على التأثير الحاسم في مسار المفاوضات.