29 نيسان 2025
«الوكالة الدولية» تواكب مفاوضات مسقط: تحريض إسرائيلي متصاعد على «الاتفاق»

بعد يومين على انعقاد جولة محادثات ثالثة «إيجابية» بين إيران والولايات المتحدة، توجّه وفد فنّي تابع لـ»لوكالة الدولية للطاقة الذرية» إلى طهران، أمس، للقاء المسؤولين الإيرانيين، في ما يُعدّ علامة مهمّة على الجهود التي يبذلها الجانبان لحلّ خلافاتهما، حتى يَسهل تالياً الوصول إلى اتّفاق بينهما حول القضية النووية. وتأتي هذه الزيارة في أعقاب الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه خلال الزيارة الأخيرة للمدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، إلى العاصمة الإيرانية، فيما يبدو أن إيران تتحرّك نحو حلّ خلافاتها الفنية مع المنظمة، في موازاة استمرار التفاوض مع الأميركيين، خاصة أن أحد الجوانب الرئيسية للمحادثات يتعلّق بالقضايا الفنية الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني، من مثل مستوى تخصيب اليورانيوم، ومخزوناته، فضلاً عن عمليات تفتيش المنشآت النووية.

وقبل ساعات قليلة من وصول الفريق الفني إلى طهران، أكّد غروسي، في اتصال مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، استعداد «وكالة الطاقة» لتقديم الدعم للعملية التفاوضية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، في حين قال الناطق باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، إن زيارة الوفد تأتي «استمراراً للمفاوضات التي جرت، الأسبوع الماضي، بين غروسي والمسؤولين الإيرانيين. ومن بين المواضيع التي تتمّ مناقشتها، قضايا الضمانات المتبقية»، داعياً الوكالة الدولية إلى أن «تقوم بدورها الفني، بعيداً من السلوك السياسي». كذلك، أکّد بقائي أن «تخصيب اليورانيوم في الداخل ورفع العقوبات بشكل عملي وحقيقي، هما خطّان أحمران بالنسبة إلى إيران»، وأن «أيّ مغامرة ضدّ الجمهورية الإسلامية ستُقابَل بردّ مدمّر».

وتزامناً مع سيْر المحادثات الإيرانية – الأميركية في اتّجاه إيجابي عقب الجولة الثالثة، وتعبير الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن تفاؤله بأن البلدين سيتوصّلان قريباً إلى اتفاق، تتصاعد المخاوف لدى إسرائيل، التي اعتبر رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، أن «أيّ اتفاق نووي مع إيران يجب أن يشمل تفكيك البنية التحتية للبرنامج النووي بالكامل، فضلاً عن الحدّ من قدرات طهران في مجال إنتاج الصواريخ الباليستية».

ورأى نتنياهو، بحسب ما أوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أمس، أنه «يجب عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم أو حتى الاحتفاظ بالقدرة على القيام بذلك»، قائلًا إنه أوضح موقفه من الأمر للرئيس الأميركي. وفيما لفتت الصحيفة إلى أن مدى توافق موقف نتنياهو مع الولايات المتحدة، ليس واضحاً، نقلت عن زعيم «الليكود» تشديده على أنه «لا يمكن السماح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم»، وأن «الاتفاق الحقيقي الناجح هو الذي يقوّض قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لصنع الأسلحة النووية».

وإلى جانب مسألة التخصيب، اقترح رئيس الحكومة الإسرائيلي أن يتم إدراج قدرة إيران على إنتاج الصواريخ الباليستية أيضاً، في المفاوضات، معتبراً أن «اتفاقاً سيئاً، أسوأ من عدم التوصّل إلى اتفاق»، وأن «الاتفاق الجيّد الوحيد» سيكون على غرار نموذج الاتفاق الذي وافقت عليه ليبيا في عام 2003، والذي يُصار بموجبه إلى تفكيك برنامج طهران النووي بالكامل على الصعيدَين العسكري والمدني.

وقوبلت تصريحات نتنياهو، والتي قال مراقبون إنها تهدف إلى التأثير على المفاوضات الإيرانية – الأميركية، بردّ فعل حادّ من جانب المسؤولين الإيرانيين؛ إذ كتب عراقجي، عبر حسابه في منصة «إكس»: «إن وهم إسرائيل بأنها قادرة على إملاء ما ينبغي أو لا ينبغي على إيران فعله، هو خيال بعيد كل البعد عن الواقع ولا يستحقّ الردّ عليه»، مضيفاً: «إيران قوية بما يكفي وواثقة في قدرتها على إحباط أيّ محاولات من قِبل جهات أجنبية خبيثة لتخريب أو إملاء سياستها الخارجية. ونأمل في أن يظلّ نظراؤنا الأميركيون على نفس القدْر من الثبات». كذلك، أكّد عراقجي أنه «لا يوجد خيار عسكري، وبالتأكيد لا يوجد حلّ عسكري، وأيّ ضربة ستُقابَل فوراً بردّ انتقامي».

وفي الإطار نفسه، حذّر مستشار المرشد الإيراني، علي شمخاني، من نتائج «لا يمكن تصوُّرها» ردّاً على تهديدات نتنياهو بتدمير المفاعلات النووية الإيرانية. وفي حين لم تستبعد إسرائيل مهاجمة منشآت إيران النووية خلال الأشهر المقبلة، نقلت وكالة «رويترز»، في الـ19 من الشهر الجاري، عن مسؤول إسرائيلي ومصدرَين مطّلعين، قولهم إن ترامب أبلغ نتنياهو بأن الولايات المتحدة غير مستعدّة لدعم مثل هذه العملية في الوقت الراهن.

من جانب آخر، لم تعلن السلطات الإيرانية، لغاية الآن، السبب الرئيسي لحادث الانفجار الهائل الذي وقع، السبت، في أكبر ميناء تجاري في البلاد. وقال وزير الداخلية الإيراني، إسكندر مؤمني، إنه تمّ استدعاء «بعض المقصّرين» على خلفية انفجار ميناء «رجائي»، مضيفاً أنه «تمّ تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب هذا الحادث، وتبيّن وجود تقصير، من مثل عدم الالتزام بتدابير الدفاع المدني والمعايير الأمنية».

كذلك، أشار إلى أن عدد القتلى جرّاء الانفجار، بلغ 46 شخصاً، وأن عدد المفقودين أو الجثث التي لم يتم التعرّف إليها يعادل عدد الوفيات. وکان المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي، أمر، مساء الأحد، بإجراء «تحقيق معمّق» لتحديد أسباب الواقعة. وقال، في بيان عبر التلفزيون الرسمي: «المطلوب من مسؤولي الأمن والقضاء إجراء تحقيق معمّق بهدف كشف أيّ إهمال أو نيّة» وراء الانفجار.

وفي هذا الإطار، كتبت صحيفة «صبح نو»، المقرّبة من رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، أن «إثارة أزمة مصطنعة لتعطيل أجواء المفاوضات والانتقام من النجاحات الدبلوماسية الأخيرة لإيران، يمكن أن تكون أسباباً قوية لعملية تخريب محتملة». وأضافت: «على أيّ حال، لا يمكن لوسيلة إعلام أن تحكم على ما إذا كان الحادث متعمّداً أم عرضيّاً، ويجب انتظار تقرير الجهات المختصّة والمسؤولين الرسميين.

لكن بالنظر إلى جوانب هذا الحادث من الناحية السياسية، وحساسية هذا الميناء من الناحية الاقتصادية، وتاريخ الهجمات على المنشآت النووية، لا يمكن استبعاد احتمال التخريب». ومن جهته، قال عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإیراني، علي خضريان، أمس، إنه «بناءً على الأدلة المتوفّرة، فإن حادث ميناء الشهيد رجائي كان بسبب ضعف الأمن الداخلي وسوء الإدارة، ولم يتم، إلى الآن، تقديم أيّ دليل على تورّط عوامل أجنبية».

محمد خواجوئي – الاخبار