في ظل سعيها لتعزيز مكانتها الاقتصادية وتنويع مصادر دخلها، أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن سلسلة من المبادرات والاتفاقيات الدولية، إلى جانب إنجازات محلية، خلال فعاليات متنوعة شملت معارض تجارية وقمم تعاون، في خطوة تهدف إلى تجاوز التحديات وفتح آفاق جديدة للتنمية.
معرض “إيران إكسبو 2025”: جسر للتعاون الدولي
انطلقت الدورة السابعة لمعرض “إيران إكسبو 2025” في طهران تحت شعار “معرض قدرات التصدير الإيرانية”، بحضور الرئيس الإيراني الدكتور مسعود بزشكيان وممثلي أكثر من 100 دولة. وأكد الرئيس في كلمته الافتتاحية أن إيران تُعد منصة جاذبة للاستثمار والسياحة، داعيًا المستثمرين الأجانب إلى استكشاف الفرص في قطاعات الصناعة والتجارة والطاقة. كما نوّه إلى أهمية التعاون الدولي في بناء مستقبل يعمه السلام، منتقدًا في الوقت ذاته “الصورة المغلوطة” عن إيران في الإعلام العالمي، ومؤكدًا على ترحيب بلاده بالشراكات التي تعزز التبادل الاقتصادي والمعرفي.
صادرات غير نفطية قياسية رغم الحظر
أعلن وزير الصناعة الإيراني محمد أتابك أن صادرات البلاد غير النفطية سجلت نموًا ملحوظًا خلال العام الماضي، حيث بلغت 152 مليون طن من البضائع بقيمة 57.8 مليار دولار، مسجلة زيادة بنسبة 11% في حجم التجارة مع العالم. وأشار إلى ضرورة زيادة هذه الصادرات بنسبة 23% سنويًا، عبر التوسع في أسواق أفريقيا وآسيا، وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية عبر اتفاقيات التجارة الحرة. كما كشف عن خطة لرفع التبادل التجاري مع أفريقيا إلى 10 مليارات دولار سنويًا، مدعومة بإنشاء صندوق تنمية مشترك بقيمة 2 مليار دولار لتقليل المخاطر التجارية.
أفريقيا شريك استراتيجي في الرؤية الإيرانية
هذا واحتضنت العاصمة الإيرانية طهران القمة الثالثة للتعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا، بمشاركة ممثلي 51 دولة أفريقية، حيث أكد الرئيس بزشكيان على استعداد إيران لمشاركة إنجازاتها التكنولوجية والصناعية مع الدول الأفريقية. من جهته، أعلن النائب الأول للرئيس محمد رضا عارف عن حزمة إجراءات لتعزيز التعاون، تشمل توسيع البنية التحتية، وإطلاق خطوط شحن جوية وبحرية، وزيادة عدد المراكز التجارية الإيرانية في أفريقيا من 13 إلى 20 مركزًا. كما تم التطرق إلى العلاقات التاريخية مع زيمبابوي، والتأكيد على دعم القضية الفلسطينية كقاسم مشترك بين الجانبين.
تعاون طاقوي مع روسيا: نحو أمن مستدام
يشار إلى أن إيران وروسيا وقعتا اتفاقيات تعاون استراتيجي خلال الاجتماع الثامن عشر للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي في موسكو، تضمنت استكمال مراحل محطة بوشهر النووية بتمويل روسي، وإنشاء مركز للغاز الطبيعي، وتفعيل ممر النقل الدولي “شمال–جنوب”. كما شملت الاتفاقيات تعاونًا في مجال الأبحاث الطبية، مثل العلاج الجيني والخلايا، مما يعكس تنوع مجالات الشراكة بين البلدين. وأكد وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد أن هذه الخطوات تعزز الأمن الطاقوي وتفتح آفاقًا جديدة للتبادل التجاري، خاصة مع دخول اتفاقية التجارة الحية مع الاتحاد الأوراسي حيز التنفيذ.
اكتفاء ذاتي في الزراعة: نجاحات بحثية
إلى ذلك، حققت إيران قفزة نوعية في القطاع الزراعي، حيث أعلن معهد البحوث الزراعية تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الذرة العلفية، بإنتاج فاق الاحتياجات المحلية ليصل إلى 18 مليون طن عام 2024. وأشار رئيس المعهد محمد زمانيان إلى أن هذا الإنجاز جاء بفضل تطوير أصناف بذور عالية الإنتاجية، حيث ارتفع عدد الأصناف الزراعية من 5 إلى 30 صنفًا خلال عقد واحد.
اقتصاد متنوع في مواجهة التحديات
تعكس المبادرات الإيرانية الأخيرة رؤية متكاملة لتعزيز الاقتصاد عبر تنويع الصادرات، وبناء شراكات استراتيجية مع أفريقيا وروسيا، والاستثمار في البحث العلمي لتحقيق الاكتفاء الذاتي. رغم التحديات الجيوسياسية والحظر الاقتصادي الأمريكي الجائر، تُظهر إيران مرونة في تعزيز حضورها الدولي، مستفيدةً من مواردها الطبيعية والبشرية، ومؤكدةً على دور التعاون الدولي كأداة لتحقيق التنمية المستدامة. کما تعکس هذه الخطوات ترجمة حرفية لشعار العام “الاستثمار من اجل الإنتاج” والذي أطلقه قائد الثورة الإسلامية السيد على الخامنئي مع بداية العام الشمسي الجديد ( 20-3-2025 / ميلادي).